إلى قرية دلوك ، وكان معه حُميد بن قحطبة الطائي فأحضره وجماعة من القواد الذين كانوا معه وقال لهم : أما تشهدون أن أبا العباس قال : من خرج إلى مروان فهو وليّ عهدي؟ فشهدوا له بذلك ، وبايعوه وبايع له أكثر أهل الشام ، وكتب بذلك إلى أخيه عيسى بن علي ، وتوجّه إلى حرّان يريد العراق.
وكان على حرّان موسى بن كعب فلم يستجب له وتحصّن منه ، فحاصره أربعين يوماً ثمّ خرج بالأمان إلى العراق (١).
توجيه أبي مسلم لقتل العمّ :
قال اليعقوبي : في غرة محرم الحرام لعام (١٣٧ ه) قدم المنصور إلى الحيرة ، وصلّى بالناس الجمعة ، ثمّ شخص مع أبي مسلم إلى بلدة أخيه السفّاح بالأنبار فاستولى على خزائن السفّاح وضمّ إليه أطرافه.
وبلغه أمر عمّه عبد الله بن علي وتوجّهه إلى العراق ، فاستدعى أبا مسلم وقال له : ليس لعبد الله بن علي غيري أو غيرك! فقال له أبو مسلم : يا أمير المؤمنين! إنّ أمر عبد الله بالشام أقل وأذل ، وأمر خراسان أجل! ثمّ قام وانصرف إلى رحله وقال لكاتبه : ما الرأي إلّاأن أمضي إلى خراسان واخلّي بين هذين الكبشين فأيهما غلب وكتب إلينا كتبنا إليه وأطعنا ، فيرى أنا قد أنعمنا عليه وعملنا له عملاً. فقال له كاتبه : اعيذك بالله أن تمكّن أهل خراسان من الطعن عليك وأن يروا أنك نقضت أمراً بعد توكيده! فقال له : ويحك! إني نظرت فيمن قتلت صبراً سوى من قتل في المعارك فوجدتهم مئة ألف من الناس! فلم يزل به كاتبه حتّى أجاب المنصور إلى الخروج إلى عمّه ، وعسكر في خلق عظيم ، ثمّ صار إلى الجزيرة. وسمّاه عبد الله بن علي : أبا مجرم.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٦٥.