مصير عبد الله بن علي العباسي :
كان على البصرة سليمان بن علي فلجأ إليه أخوه عبد الله بن علي مختبئاً عنده ، كان ذلك قبل شهر رمضان (١) وبلغ المنصور مكان عمّه عبد الله بن علي عند أخيه سليمان بن علي بالبصرة ، فوجّه المنصور إلى سليمان يطلبه منه فأنكر أن يكون عنده. ثمّ طلب له الأمان فأعطاه ، وكان كاتب سليمان عبد الله بن المقفّع البصري المولى فأمره سليمان أن يكتب نسخة الأمان فوضعها ابن المقفّع بأغلظ العهود والمواثيق أن لا يناله بمكروه وأن لا يحتال عليه بحيلة ، وفيها : فإن أنا فعلت أو دسست فالمسلمون براء من بيعتي وفي حِلٍّ من الأيمان والعهود التي أخذتها عليهم! وقدم سليمان بن علي من البصرة بهذه النسخة إلى المنصور ، فكتب المنصور له الأمان عليها ، وعاد سليمان بها إلى البصرة إلى أخيه عبد الله بن علي ، وكان معه بالبصرة أخوهما عيسى بن علي فظهر عبد الله بهما إلى المنصور بالحيرة فقدما به عليه ليوم الغدير الثامن عشر من ذي الحجة سنة (١٣٧ ه). وكان عيسى ابن موسى وليَّ عهد السفّاح بعد المنصور فأمر المنصور بحبس عبد الله عنده.
وسأل المنصور يوماً عيسى بن موسى عن عمّه عبد الله فقال : قد مات! فوجّه إلى جماعة من بني العباس وفيهم إسماعيل وعبد الصمد وعيسى أبناء علي ، وقال لهم : إنّي كنت دفعت أخاكم عبد الله بن علي إلى عيسى بن موسى وأمرته أن يحتفظ به ويكرمه ويبرّه! وقد سألته عنه فذكر أنّه قد مات! فأنكرت ستر خبر موته عني وعنكم.
فقال القوم : إن عيسى قتله ، ولو كان عبد الله مات حتف أنفه ما ترك أن يعلمك ويعلمنا فجمع بينهم فطالبوه بدمه ، فقال المنصور : إيت ببيّنة عادلة!
__________________
(١) تاريخ خليفة : ٢٧٣.