الحال أن قال الفضل بن الربيع : كتب بأرزاقه إلى الجهبذ (المحاسب) فضايقه في النقص ، فقال له الجهبذ : إنك لم تَبع بَزّاً! فقال شريك : بلى والله لقد بعت أكبر من البزّ ، لقد بعت ديني (١)!
كما باع دينه لدنيا المهدي العباسيّ : غياث بن إبراهيم المحدّث لما علم أن المهديّ يحبّ سبق الحمام ، فحدّثه عن أبي هريرة عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : «لا سبق إلّا في حافر أو نصل» وزاد فيه : «أو جناح» فأمر له المهدي بعشرة آلاف درهم! فلمّا قام وأدبر ليخرج نظر المهديّ إلى قفاه وقال له : أشهد أنّ قفاك قفا كذّاب (٢)!
وحدّث المهديّ هو عن أبيه عن جده عن ابن عباس : أنّ وفداً من العجم (الفُرس من اليمن عن أمر كسرى) قدموا على النبيّ وقد أحفَوا لحاهم وأعفوا شواربهم ، فقال صلىاللهعليهوآله : «خالفوهم : اعفو لحاكم وأحفوا شواربكم» ثمّ فسّر الشوارب قال : أخذ ما سقط منها على الشفة ، ولعلّه كان يمتثل ذلك.
وخطب فقرأ فيها قوله سبحانه : (إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ... (٣)) فاستنّها الخطباء إلى اليوم ، فهو أوّل من سنّ ذلك.
المهدي وآل زياد بالبصرة :
هلك المنصور وعلى البصرة سعيد بن دعلج ، فولّاها المهدي : عبد الملك بن أيوب النُميري ، ونقل ابن دعلج إلى سجستان (٤) فلمّا عهد إلى ابنه هارون
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ٣١١.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٣٣٢.
(٣) الأحزاب : ٥٦.
(٤) تاريخ خليفة : ٢٩٠ ـ ٢٩١.