وكان لا يحفظ لفظ الإمام فيزيد فيه من عنده ، ويبلغ الإمام ذلك فينهاه فلا يقبل منه (١). فعزله الإمام عليهالسلام وتبرّأ منه. وكان أول فساده أن كان لا يصلي المغرب حتّى يغيب الشفق وتشتبك النجوم ، وتبعه أصحابه (٢).
وترأس سبعين رجلاً منهم إلى الحج فدخل بهم على الصادق عليهالسلام ، فقال لهم : ألا اخبركم بفضائل المسلم؟ قالوا : بلى جعلنا فداك! قال : من فضائل المسلم أن يقال : فلان قارئ لكتاب الله عزوجل ، وفلان ذو حظّ من ورع ، وفلان يجتهد في عبادته لربّه. فهذه فضائل المسلم. ثمّ قال : ما لكم والرئاسات ، إنما للمسلمين رأس واحد ، فإياكم والرجال (٣).
ثمّ كتب إليه : بلغني أنك تزعم أنّ الزنا رجل وأنّ الخمر رجل! وأنّ الصلاة رجل وأنّ الصيام رجل! وليس كما تقول (بل) إنا أصل الحق وفروع الحق طاعة الله ، وعدونا أصل الشر وفروعهم الفواحش (٤).
ثمّ زعم لهم أنّهم عليهمالسلام يعلمون الغيب فهم أنبياء! ثمّ زعم أنهم أرباب! وبلغ الإمام عليهالسلام فتبرّأ منهم وأمر أصحابه بذلك وقال : «لا والله ما هي إلّاوراثة ورواية عن رسول الله».
وكأنّ أبا الخطّاب بلغه ذلك فأراد أن يحول دون وصول أتباعه إلى الإمام عليهالسلام فأسقط عنهم الحج وأمرهم أن يلبّوا للإمام وهم بالكوفة ، فأخبر مصادف بذلك الإمام عليهالسلام فخرّ إلى الأرض ساجداً وألصق جؤجؤ صدره بالأرض وأقبل يبكي ويكرر كثيراً : بل أنا عبد لله قنّ داخر! ثمّ رفع رأسه ودموعه تسيل
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٢٩٥ ، الحديث ٥٢٢ و ٥٢٠.
(٢) المصدر : ٢٩٤ ، الحديث ٥١٨.
(٣) المصدر : ٢٩٣ ، الحديث ٥١٦.
(٤) المصدر : ٢٩١ ، الحديث ٥١٢.