هذا كله من حيث
إمكان ثبوتها عقلا ، اما وقوعها بهذا النحو فغير بعيد ، ومدعى القطع به غير مجازف ـ
كما قال صاحب الكفاية ـ قده ـ
(الجهة الثالثة)
فى معرفة هذا القسم من الوضع ، وهل هو حقيقة او مجاز؟ فقد ادعى صاحب الكفاية ـ قده
ـ انه ليس بحقيقة ولا مجاز ، اما عدم كونه حقيقة فلان الوضع انما حصل بالاستعمال ،
فليس الاستعمال استعمالا فيما وضع له ، وأما انه ليس بمجاز فلان المجاز يتبع
الحقيقة ، والمفروض عدم الحقيقة ، ثم قال ـ قده ـ : ولا مانع أن يكون هناك ـ
استعمال ليس بحقيقة ولا مجاز ، ما دام حسن الطبع يرتضيه.
وغير خفى أن
الاستعمال المذكور حقيقى لا مجازى. وذلك فان الوضع إن أخذناه بمعنى الالتزام
والتعهد من دون توقف على المبرز والكاشف فهذا المعنى متحقق فى النفس من بداية
الامر ، وقد جاء الاستعمال بعد ذلك تبعا للملتزم به. وإن أخذناه مركبا من أمرين :
التعهد ، والابراز فلا محالة أن الجزء الاول وهو التعهد كان حاصلا قبل الاستعمال
والجزء الثانى ـ وهو الابراز قد تحقق عند الاستعمال ، وبانضمام الجزء الثانى الى
الاول ينتج الوضع ، فيكون الاستعمال متابعا لما وضع له اللفظ ، ويصح الاستعمال
مقارنا للوضع ، وان تأخر رتبة عنه. وهذا الوجه يثبت الحقيقة دون المجاز.
ثم ان صاحب
الكفاية ـ قده ـ ذكر ان هذا الوجه انما يتم ويثبت به الحقيقة الشرعية بناء على ان
تكون هذه المعانى مستحدثة ، ومخترعة جديدا من قبل الشارع المقدس ، واما بناء على
أنها معان لغوية قد ثبتت فى الشرائع السابقة بنفسها فلا يتم : لان النبى (ص) لم
يصدر أى وضع وانما تابع الانبياء