ان العبد له الإشاءة فى الفعل او الترك ، وحينئذ لا مانع من تركه للمطلوب فكان الوجوب على هذا مستفادا من دليل العقل ، دون مقدمات الحكمة ، او كون الصيغة موضوعة له. فارادة الندب تحتاج الى مئونة زائدة.
(استعمال الجمل الخبرية فى الطلب)
ان الجمل الخبرية ككلمة ـ يعيد ـ او ـ اعاد ـ اذا استعملت فى الطلب والانشاء ولم تستعمل فى الاخبار. فهل لها ظهور فى الوجوب؟
ذهب صاحب الكفاية ـ قده ـ الى ذلك وقال : «بل يكون اظهر من الصيغة» ثم قرّ به ، بعد ان اكد على مبناه السابق من ان المستعمل فيه فى امثال هذه الجمل واحد ، وانما يأتى الاختلاف بينها من ناحية الدواعى ، فاذا كان الداعى هو الاعلام والاخبار كانت الجملة خبرية ، وان كان هو البعث والطلب كانت الجملة انشائية. ان هذه الجمل اذا جىء بها للانشاء دلت على ان داعى البعث فيها كان بنحو آكد باعتباران الامر حين اظهر طلبه بهذا النحو فقد دل على عدم رضائه بترك الفعل من العبد وكانه اصبح مشتاقا اليه بشدة حتى نزله منزلة الواقع. واعتبره متحققا لشدة ارادته بتعلق وقوعه لذا عبّر عن ذلك بالجملة الخبرية.
وهذا بخلاف صيغة الامر فانها لا تدل الا على ارادة الفعل دون الخصوصية المتقدمة ، ولا يلزم الكذب من الاستعمال المذكور لعدم قصده ثبوت النسبة حقيقة ليلزم ذلك ، بل قصده الاخبار بداعى البعث ، وهذا نظير الكناية حين يقال ـ زيد كثير الرماد ـ فان المتكلم ربما لم يقصد من ذلك الاخبار واقعا عن كثرة رماده ، وربما لا يتأتى الطبخ منه بل قصده الانتقال الى معنى آخر وهو الكرم والسخاء ، فانه لازم لكثرة الرماد.