السابقين فى استعمالاتهم وقد وردت جملة من الآيات الشريفة تثبت هذا المعنى؟ منها قوله تعالى : (وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا) وقوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) وقوله تعالى ـ حكاية عن ابراهيم الخليل (ع) : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ) وهذه الآيات الشريفة افادت وجود هذه المعانى فى الزمن السابق ولا يضر الاختلاف ما بين الصلاتين ـ مثلا ـ فانه اختلاف فى حقيقة واحدة ، وهذا موجود فى صلاتنا ايضا ، فصلاة المختار غير صلاة المضطر ، وصلاة المسافر غير صلاة الحاضر ، وعلى هذا لا اثر للبحث لعدم وجود اختراع وتشريع منه (ص) ، بل فى البين متابعة واستعمال ، وهى تثبت الحقيقة اللغوية.
وهذا الذى ذكره صاحب الكفاية ـ قده ـ يمكن دفعه بأمرين :
(الاول) ان كون المعانى لغوية ، وغير مستحدثة لا ينافى ان تكون هذه الالفاظ المستعملة لدى الشارع حقيقة شرعية. حيث أن هذه الماهيات التى حصلت عند الامم السابقة كانت الالفاظ التى تفيدها اما باللغة العبرانية ـ كما فى لغة موسى عليهالسلام أو بالسريانية ـ كما فى لغة عيسى عليهالسلام واما إبراهيم الخليل عليهالسلام فلا نعرف لغته. وليست نفس هذه الالفاظ هى التى استعملت على لسانهم عند إرادة المعانى لاختلاف اللغة فيما بيننا وبينهم ، والحقيقة الشرعية ليست اختراعا للمعنى ، وجعل اللفظ له بل اختراعا للفظ ، وجعله لماهية من الماهيات ، وإن كانت تلك الماهية مجعولة عند السابقين ، فلفظ (الصلاة) وان كان موجودا فى انجيل برنابا بهذه الحروف إلّا ان الموجود ترجمة تلك اللفظة السريانية الى لفظة عربية ، وليس ذكرها هناك دليلا على انها بنفسها كانت مستعملة لدى القوم عند ارادتهم لتلك المعانى ، فان تلك اللفظة عربية ، ولغتهم سريانية؟ او غيرها من سائر