على مسألة اخرى فى مقام الاستنباط منها كما اذا فرضنا ان الامر بشىء ما ورد فى رواية ظنية السند فان الاستنباط منها يتوقف على اثبات ظهور الامر فى الوجوب وعلى اثبات حجية السند ، إلّا ان كلا منهما مسألة اصولية برأسها اذ يمكن استنباط الحكم من كل منهما بلا حاجة الى ضم مسألة اخرى كما اذا كان الامر واردا فى السنة القطعية او كانت الرواية نصا فى مدلولها.
فظهر من هذا ان البحث عن ادوات العموم وان كلمة كل والجمع المحلى بالالف واللام والنكرة فى سياق النفى مما يفيد العموم ام لا ، او ان معانى المشتقات ظاهرة فيمن تلبس بالمبدإ او فى الاعم ، او ان اسماء العبادات وضعت للصحيح او الاعم انما هى مسائل لغوية لعدم امكان وقوعها فى طريق الاستنباط وحدها وبما ان القوم لم يعنونوها فى اللغة قد تعرض لها فى فن الاصول تفصيلا.
فالذى ظهر ان قواعد علم الاصول هى ما أمكن حصول الاستنباط من كل مسألة مسألة منها ولو على سبيل القلة بلا انضمام مسألة اخرى اليها من مسائل علم الاصول نفسه او مسائل بقية العلوم الأخر ، وهذا بخلاف مسائل سائر العلوم فانها محتاجة فى مقام تحصيل الوظيفة الفعلية الى ضم كبرى من المسائل الاصولية اليها.
(مرتبة علم الاصول)
اتضح مما تقدم ان مرتبة علم الاصول متأخرة عن بقية العلوم العربية ، فان كل مسألة اصولية فى حد ذاتها قبل استنباط الحكم واستحصال النتيجة منها لا بد من معرفة معناها والوقوف على مادة القاعدة وهيئتها التركيبية