عقيما لأنه لا ليلة له ، عن عكرمة والجبائي ، النظم : اتصلت الآية الأولى بما تقدم من ذكر الكفّار وما متّعوا به من نعيم الدنيا ، ولما رأى النبي صلىاللهعليهوآله ما مني به أصحابه من الاقتار تمنّى لهم الدنيا ، فبيّن سبحانه أنّ ذلك التمنّي من وسواس الشيطان وأن ما أعدّه لهم من نعيم الآخرة خير ، وقيل : اتصل بقوله : (إِنَّما أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) ، بيّن سبحانه أنه بشر وأن حاله كحال الرسل قبله.
٥٦ ـ ٦٠ ـ لما تقدّم ذكر القيامة بيّن صفته فقال : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) لا يملك أحد سواه شيئا بخلاف الدنيا (يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ) أي يفصل بين المؤمنين والكافرين ، ثم بيّن حكمه فقال : (فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) ينعمون فيها (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا فَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) يهينهم ويذلهم (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) أي : فارقوا أوطانهم وخرجوا من مكة إلى المدينة (ثُمَّ قُتِلُوا) في الجهاد (أَوْ ماتُوا) في الغربة (لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقاً حَسَناً) وهو رزق الجنة عن الحسن والسدي ، والرزق الحسن ما إذا رآه لا تمتد عينه إلى غيره وهذا لا يقدر عليه غير الله تعالى ولذلك قال : (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) وقيل : بل هو مثل قوله : (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ) لأن لهم فيه ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين والمدخل يجوز أن يكون بمعنى المكان وبمعنى المصدر (وَإِنَّ اللهَ لَعَلِيمٌ) بأحوالهم (حَلِيمٌ) عن معاجلة الكفار بالعقوبة (ذلِكَ) أي الأمر ذلك الذي قصصنا عليك (وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ) أي من جازى الظالم بمثل ما ظلمه ، قال الحسن : معناه قاتل المشركين كما قاتلوه والأول لم يكن عقوبة ولكن كقولهم الجزاء بالجزاء لإزدواج الكلام (ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ) أي ظلم بإخراجه من منزله ، يعني ما فعله المشركون من البغي على المسلمين حتى أخرجوهم إلى مفارقة ديارهم (لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ) يعني المظلوم الذي بغي عليه (إِنَّ اللهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) روي أن الآية نزلت في قوم من مشركي مكة لقوا قوما من المسلمين لليلتين بقيتا من المحرم فقالوا : ان أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يقاتلون في هذا الشهر فحملوا عليهم ، فناشدهم المسلمون أن لا يقاتلوهم في الشهر الحرام فأبوا ، فأظفر الله المسلمين بهم.
٦١ ـ ٦٥ ـ ثم قال سبحانه (ذلِكَ) أي ذلك النصر (بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي يدخل ما انتقص من ساعات الليل في النهار ، وما انتقص من ساعات النهار في الليل (وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لدعاء المؤمنين (بَصِيرٌ) بهم (ذلِكَ) أي ذلك الذي فعل من نصر المؤمنين (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) أي ذو الحق في قوله وفعله وقيل معناه انه الواحد في صفات التعظيم التي من اعتقده عليها فهو محق (وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْباطِلُ) لأنه ليس عنده نفع ولا ضر (وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُ) عن الأشياء (الْكَبِيرُ) الذي كل شيء سواه يصغر مقداره عن معناه (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) أي مطرا (فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) بالنبات (إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ) بأرزاق عباده من حيث لا يحتسبون (خَبِيرٌ) بما في قلوبهم. وقيل : اللطيف المحيط بتدبير دقائق الأمور الذي لا يتعذر عليه شيء يتعذر على غيره (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أيّ له التصرف في جميع ذلك (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) الغني : الحي الذي ليس بمحتاج ، الحميد : المحمود بصفاته وأفعاله (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) من الحيوان
__________________
قال الإمام الصادق (ع): إنّ العزائم أربع : اقرأ باسم ربّك الذي خلق ، والنجم ، وتنزيل السجدة ، وحم السجدة. الخصال ٢٥٢