وَلِيٍ) أي ناصر يعينك عليه ، ويمنعك من عذابه (وَلا واقٍ) يقيك منه.
٣٨ ـ ٤٠ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ) يا محمد (وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) أي نساء وأولادا أكثر من نسائك وأولادك (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) أي لم يكن لرسول يرسله الله أن يجيء بآية ودلالة إلّا بعد أن يأذن الله في ذلك ، ويطلق له فيه (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) معناه : لكل أجل مقدر كتاب أثبت فيه ، ولا تكون آية إلّا بأجل قد قضاه الله في كتاب على وجه ما يوجبه التدبير ، فالآية التي اقترحوها لها وقت أجله الله لا على شهواتهم واقتراحاتهم (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) انه يمحو بالتوبة جميع الذنوب ، ويثبت بدل الذنوب حسنات (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ) يا محمد (بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) أي نعد هؤلاء الكفار من نصر المؤمنين عليهم بتمكينك منهم بالقتل والأسر واغتنام الأموال (أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) أي ونقبضنك إلينا قبل أن نريك ذلك ، وبيّن بهذا أنه يكون بعض ذلك في حياته وبعضه بعد وفاته ، أي فلا تنتظر أن يكون جميع ذلك في أيام حياتك (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) أي عليك أن تبلغهم ما أرسلناك به إليهم وتقول بما أمرناك بالقيام به ، وعلينا حسابهم ومجازاتهم والإنتقام منهم إما عاجلا وإما آجلا ، وفي هذه دلالة على أن الإسلام سيظهر على سائر الأديان ، ويبطل الشرك في أيامه وبعد وفاته ، وقد وقع المخبر به على وفق الخبر.
٤١ ـ ٤٢ ـ ثم ذكر سبحانه ما يكون للكفار كالبينة على الإعتبار فقال (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها) أي نقصدها (مِنْ أَطْرافِها) معناه : أو لم ير هؤلاء الكفار أنا ننقص أطراف الأرض بإماتة أهلها؟ ومجازه : ننقص أهلها من أطرافها (وَاللهُ يَحْكُمُ) أي يفصل الأمر (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) ولا رادّ لقضائه عن ابن عباس ومعناه : لا يعقب أحد حكمه بالرد والنقض (وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أي سريع المجازاة على أفعال العباد على الطاعات بالثواب ، وعلى المعاصي بالعقاب ، ثم بيّن سبحانه أن مكرهم يضمحل عند نزول العذاب بهم فقال : (وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) يريد أن الكفار الذين كانوا قبل هؤلاء قد مكروا بالمؤمنين ، واحتالوا في كفرهم ، ودبّروا في تكذيب الرسل بما في وسعهم ، فابطل الله مكرهم ، كذلك يبطل مكر هؤلاء (فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً) أي له الأمر والتدبير جميعا ، فيرد عليهم مكرهم بنصب الحجج لعباده وقيل : معناه : فالله يملك الجزاء على المكر وقيل : يريد بالمكر ما يفعل الله تعالى بهم من المكروه عن الجبائي (يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ) فلا يخفى عليه ما يكسبه الإنسان من خير وشر لأنه عالم بجميع المعلومات (وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ) هذا تهديد لهم بأنهم سوف يعلمون من تكون له عاقبة الجنة حين يدخل المؤمنون الجنة ، والكافرون النار وقيل معناه : وسيعلمون لمن العاقبة المحمودة لكم أم لهم إذا أظهر الله دينه (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا) لك يا محمد (لَسْتَ مُرْسَلاً) من جهة الله تعالى إلينا (قُلْ) لهم (كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أي كفى الله شاهدا بيني وبينكم بما أظهر من الآيات ، وأبان من الدلالات على نبوتي (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) قيل فيه أقوال أحدها : ان من عنده علم الكتاب هو الله عن الحسن والضحاك وسعيد بن جبير. والثاني المراد به علي بن أبي طالب عليهالسلام وأئمة الهدى عليهمالسلام ، ٠ عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهالسلام. وروي عن بريد بن معاوية عن أبي عبد الله عليهالسلام أنه قال : إيانا عنى ، وعلي أوّلنا وأفضلنا وخيرنا بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. وروى عنه عبد الله بن كثير أنه وضع يده على صدره ثم قال : عندنا والله علم الكتاب كملا ، ويؤيد ذلك ما روي عن الشعبي أنه قال : ما أحد أعلم بكتاب الله بعد النبي (ص) وآله من علي بن أبي طالب عليهالسلام ، ومن الصالحين من أولاده. وروى