ان الانفكاك حاصل ولو اريد الامكان فراجع.
(الخامس) : ان الالتزام بلزوم تقدم البعث على الانبعاث :
١ ـ ان كان لاجل ان الامر انما ينشأ بداعي جعل الداعي في نفس المكلف نحو الامتثال ، وهو موقوف على حصول مباديه من التصور والتصديق ونحوهما وهي أمور زمانية لا بد في تحققها من تصرم الزمان ، فلا بد من تأخر الانبعاث عن تحقق الداعي المتأخر عن وجود الامر.
ففيه : ان من الممكن حصول هذه المبادي قبل زمان تحقق المجعول ـ أي الحكم المنجز الموضوع في عهدة المكلف ـ وذلك بسبب العلم بالجعل ـ أي تشريع القانون وانشاء الحكم ـ من قبل وما ذكر في الاستدلال انما يصح لو لم تحصل مبادئ الاختيار قبل زمان تحقق المجعول ، أما اذا حصلت قبله فيمكن تقارن البعث والانبعاث ، فان حصول مبادئ الاختيار غير موقوف على فعلية الامر.
بل يمكن أن يقال بأن حصول هذه المبادي غير موقوف على وجود أصل الامر اذ يمكن العزم على الطاعة ـ أو المعصية ـ في ظرفهما قبل وجود الامر أو النهي. ففي الاستدلال خلط بين لزوم تقدم الامر على الامتثال ، وتقدم العلم بالامر عليه.
وأما مقولة عدم الانفكاك بين الايجاد والوجود التي قد يستشكل بها على انفكاك الجعل عن المجعول فهي انما تصح في القضايا التكوينية الخارجية ، دون القضايا الاعتبارية. أما الاول : فلان الامر المطاوعي التكويني ليس زمامه بيد الموجد كي يشاء تارة وجوده فعلا وأخرى مستقبلا ، بل هو انفعال طبيعي عن الايجاد ، بل الوجود والايجاد متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار على ما قرر في محله ، وهذا بخلاف الثاني : فان زمام الاعتبار بيد المعتبر ، ووجود الامر الاعتباري تابع لكيفية الاعتبار ، فان اعتبر من بيده الاعتبار وجوده حالا كان موجودا