وإذا كان مقتضيا للدوام لم يعقل فيه التراخي.
ومن أحكام النهي : اقتضاؤه للفساد ، وقد اختلف في ذلك على أقوال ، فقال بعض أصحاب أبي حنيفة ، وبعض أصحاب الشافعي : إن النهي يقتضي الفساد ، وهذا مذهب أهل الظاهر ، ومعنى الفساد أنه لا يقع موقع الصحيح في أحكامه الشرعية ، من إجزاء أو غيره ، والحجة لهؤلاء : أن الصحابة [عليهمالسلام] (١) كانت إذا سمعت نهيا عن شيء قضت بفساده ، كما حكمت بفساد بيع درهم بدرهمين ، ونكاح المحرم ، والشغار ، والمتعة ، وبأن المنهي عنه ليس بدين ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد).
وقال بعض الحنفية ، وبعض أصحاب الشافعي : إنه لا يدل على الفساد ، وهو اختيار الحاكم ، وبه قال الشيخ أبو عبد الله (٢) ، وقاضي القضاة ، والحجة أن في الشريعة أشياء منهيا عنها مع ثبوت أحكامها ، وهذا مثل غسل النجاسة بالماء المغصوب ، والذبح بالسكين المغصوب ، والوطء في زمن الحيض ، فإنه يوجب المهر ، وغير ذلك.
وقال الشيخ أبو الحسين البصري : إنه يقتضي الفساد في العبادات لا في المعاملات ، وهذا اختيار القاضي شمس الدين (٣) ، والشيخ الحسن ،
__________________
(١) ما بين قوسي الزيادة ثابت في نسخة أ.
(٢) أبو عبد الله هو : الحسين بن عبد الله البصري ، الشيخ أبو عبد الله المرشد المتكلم ، من المعتزلة البهشمية ، من المفضلين لعلي عليهالسلام ، وله كتاب في تفضيل أمير المؤمنين على غيره ، أخذ عنه علم الكلام قاضي القضاة ، والسيد أبو طالب ، وأبو عبد الله الداعي ، وكان زاهدا متقدما على أقرانه ، وله مؤلفات كثيرة ، توفي سنة سبع وستين وثلاثمائة.
(٣) هو القاضي جعفر بن أحمد بن يحي عبد السلام بن أبي يحي الأبناوي ، البهلولي ، الزيدي ، القاضي شمس الدين ، قال في المستطاب : هو إمام الزيدية ، وعالمها وإمامها ومسندها ، وكان أبوه عالم المطرفية ، وأخوه شاعرهم ، فهداه الله من ـ