وقيل : عدة مبتذلة لكل حق وباطل ، وكل ما أعد للشيء قيل له : عرضة ، قال الشاعر (١) :
فهذي لأيام الحروب وهذه |
|
للهوي وهذي عرضة لارتحاليا |
والمعنى على الأول : لا تجعلوا اليمين مانعة عن فعل الخير ، وعلى الثاني : لا تجعلوا اليمين عدّة في أموركم.
وقوله تعالى : (لِأَيْمانِكُمْ) أي : للشيء الذي يحلف عليه ، وسمي المحلوف عليه يمينا لتلبسه باليمين ، ولهذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم لعبد الرحمن بن سمرة : (إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها ، فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك).
وقوله تعالى : (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) فيه وجوه :
الأول : أن قوله : (أَنْ تَبَرُّوا) عطف بيان (لِأَيْمانِكُمْ) أي : الأمور المحلوف عليها هي (أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ).
الثاني : أن التقدير أن لا تبروا فحذف لا كما ورد حذفها في قول امرؤ القيس :
فقلت يمين الله أبرح قاعدا |
|
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي |
الثالث : أن التقدير لترك البر ، فحذف المضاف (٢) ، فالمعنى : لا تحلفوا على ترك البر والتقوى. هذا قول أبي العباس (٣) ، والثاني لأبي عبيدة.
الرابع : أن التقدير الاثبات ، أي : لتبروا ، معنى (تَبَرُّوا) يعني تبروا
__________________
(١) نسبه في القرطبي لعبد الله بن الزبير ، ولم ينسبه إلى أحد في الحاكم ، ولا في مجمع البيان.
(٢) أي : ترك ، وأقيم المضاف إليه مقامه ، وهو أن تبروا لأنه في معنى البر.
(٣) أبي العباس هو : المبرد