قيل في سبب نزولها :
إن أبا الدحداح ثابت بن الدحداح سأل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : كيف نصنع بالنساء الحيض؟ فنزلت.
وروي أن الجاهلية كانوا إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها ، ولم يشاربوها ، ولم يجالسوها على فراش ، ولم يساكنوها في بيت ، كفعل اليهود والمجوس ، فلما نزلت أخذ المسلمون بظاهر اعتزالهن ، وأخرجوهن من بيوتهم ، فقال ناس من الأعراب : يا رسول الله البرد شديد؟ والثياب قليلة ، فإن آثرناهن بالثياب هلك سائر أهل البيت ، وإن استأثرنا بهن هلكت الحيض؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم «إنما أمرتم أن تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن ، ولم يأمركم بإخراجهن من البيوت كفعل الأعاجم
وقيل : إن النصارى كانوا يجامعونهن ، ولا يبالون بالحيض ، واليهود كانوا يعتزلونهن في كل شيء ، فأمر الله بالاقتصاد بين الأمرين. وقيل : كانوا يستجيزون إتيان النساء في أدبارهن في أيام الحيض ، فلما سألوا عنه بين تحريمه.
ولهذه الآية ثمرات ، وهي أحكامها :
الحكم الأول : وجوب اعتزالهن ، والمراد اعتزلوا مجامعتهن في المحيض ، أي : في الحيض ، فهو مصدر ، وهو اسم الدم المجتمع ، ويطلق المحيض على موضع الحيض ، كالمنبت ، ويطلق على زمان الحيض ، كمنيخ الناقة ، والمراد بالاعتزال : عن المجامعة في الفرج ، وتحريم ذلك معلوم من الدين ضرورة.
وقال في الانتصار : فمن وطئها مستحلا كفر ، وعليه يحمل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من أتى امرأة وهي حائض فقد كفر بما أنزل على محمد» وإن كان غير مستحل لم يكفر ، ولم يفسق ؛ لأن ذلك لا يكون إلا بدليل قطعي على أنها كبيرة.