وأما تنفل الحاضر سائرا في حوائجه فوجهان : يجوز لئلا يفوته النفل (١) ، ولا يجوز ، واختاره في الانتصار ؛ لأن الغالب عليه اللبث ، فالاستقبال ممكن ، ولا فرق عندنا في جواز التنفل على الراحلة مستدبرا للقبلة ، ومستقبلا بين الافتتاح وغيره.
وقال بعض أصحاب الشافعي : أما الافتتاح فيستقبل له ، وهذا إذا لم يكن في محمل ونحوه مما يسهل معه الاستقبال ، فإن كان كذلك فعليه الاستقبال.
الفرع الرابع (٢)
إذا مات ميت في بلد وأريد أن يصلى عليه في بلد آخر ، هل يجوز ذلك أم لا؟ فعند الشافعي : أن ذلك جائز ؛ لأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نعى النجاشي لأصحابه وهو بالمدينة فصلوا خلفه.
وأما إذا كان الميت في البلد لم يصل عليه حتى يحضر عنده ؛ لأنه يمكنه الحضور من غير مشقة ، وهذا أحد الأقوال في سبب نزول الآية المذكورة ، وأما مذهبنا ، فلا يجوز ذلك ؛ لأنه لا يصلى على القبر ، ولا يصلّى على من صلّي عليه. وأما حديث النجاشي ففيه تأويلان :
أحدهما : لأهل المذهب : أن ما ورد أنه صلى على النجاشي ، فالمراد بالصلاة الدعاء ، وفي التأويل نظر ؛ لأنهم قد ذكروا أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كبر على النجاشي خمسا ، وجعلوا هذا حجة في عدد التكبير.
التأويل الثاني : ذكره أصحاب أبي حنيفة ، والشيخ أبو جعفر : أن
__________________
(١) قوي إذا خرج من الميل. (ح / ص).
(٢) هذا الفرع دخيل في هذه الفروع ، وكان الأخص به صلاة الجنازة ، حيث يأتي ما يليق به ، فتأمل. (ح / ص). ويمكن أن يقال : إنه قد ورد في سبب النزول فناسب إيراده هنا.