السادس : حكاه النيسابوري «أن الله تعالى لما أمر نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بالصلاة على النجاشي ، فأمر أصحابه بالصلاة معه عليه ، وصفهم وتقدمهم ، فقال أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في نفوسهم : كيف نصلي على رجل قد مات ، وهو يصلي لغير قبلتنا» ـ فنزلت.
السابع : أن المسلمين كان لهم في ابتداء الإسلام أن يصلوا إلى أي جهة شاؤا ، حتى نسخ ذلك بقوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) [البقرة : ١٤٤] وعلى الأقوال المتقدمة لا نسخ فيها ، وقيل : هي أول ما نسخ.
الثمرة من الآية الكريمة :
إعلم أن التوجه في الصلاة إلى الكعبة واجب ، وهو معلوم من الدين ، ولا خلاف في ذلك ، لكن يتعلق بذلك فروع.
الأول : من بعد عن الكعبة ، ولم يعرف الأمارات ، ولا وجد من يرجع إليه ليقلده ، فله أن يصلي إلى أي جهة شاء ، لعموم قوله تعالى : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) وهذا عام إلا ما خصته الدلالة (١).
ويعضده قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إذا أمرتم بأمر فاتوا منه ما استطعتم) فإن أمكنه التحري ، وطلب الأمارات وجب عليه ذلك ، لأنه قد وجب عليه الصلاة إلى الكعبة ، والواجب الأخذ بالعلم إن حصل ، وإلا فبالظن.
ويعضد ذلك قوله تعالى في سورة النحل : (وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) [النحل : ١٦] وهذا قول أكثر العلماء ، وذهب نفاة القياس كالأصم ، والإمامية : أنه يصلى إلى الجهات الأربع ، وضعفه الحاكم ؛ لأن في ذلك أمرا بالصلاة إلى غير القبلة بيقين (٢).
__________________
(١) وهذا يدل على أن تعبدهم كان بالتوجه إلى أين شاؤا. (ح / ص).
(٢) الأولى التعليل بأن الجهات لا تنحصر في أربع. (ح / ص). وقد ينتصر لتعليل الأصل بأن يقال : هو كالصلاة في ثوبين أحدهما متنجس. (ح / ص).