وفي ذلك زجر لهما عن المعاصي ، وأمر لهما أن يكونا كآسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران في طاعتهما لله تعالى وامتثال أمره ونهيه.
فصل : قوله (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) الآيتان : ١١ ـ ١٢.
الفائدة في هذه الاية وفي الاية التي قبلها : أن أحدا لا ينفعه الا عمله ، ولا يؤخذ بجرم غيره ، وان كان خصيصا به وملازما له. وبين ان امرأة نوح وامرأة لوط لم ينفعهما قربهما من نبيين واختصاصهما والتصاقهما بهما ، لما كانتا كافرتين عاصيتين ، بل عاقبهما بالنار بكفرهما وسوء أفعالهما. وبين في هذه الاية أن كفر فرعون لم يتعد الى زوجته لما كانت مؤمنة طائعة لله تعالى.
وقوله (أَحْصَنَتْ فَرْجَها) فاحصان الفرج منعه من دنس المعصية ، يقال : أحصن يحصن احصانا ، ومنه الحصن الحصين ، لأنه بناء منيع. والفرس الحصان الذي يمنع من ركوبه.
وقوله (فَنَفَخْنا فِيهِ) قال قتادة : معناه فنفخنا في جيبها من روحنا.
وقال الفراء كل شق فهو فرج ، فأحصنت فرجها منعت جيب درعها من جبرئيل عليهالسلام والظاهر أنه أراد الفرج الذي يكنى عنه.
وقوله (فِيهِ) يعني : في الفرج ، فلذلك ذكر في الأنبياء «فيها» لأنه رد الى التي أحصنت فرجها. وقيل : ان جبرئيل نفخ في فرجها ، فخلق الله فيه المسيح.
(وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) يعني : بما تكلم الله به وأوحاه الى أنبيائه.