قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ).
وفي ذلك دليل على بطلان مذهب المجبرة في أن الكافر لا يقدر على الايمان لأنه لو كان إذا رد لا يقدر على الايمان لم يكن لتمنيه معنى.
فصل : قوله (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) الآيات : ٦٣ ـ ٦٦.
المقاليد المفاتيح واحده مقليد ، كقولك منديل ومناديل ، ويقال في واحده أيضا إقليد وجمعه أقاليد ، وهو من التقليد والمعنى : له مفاتيح خزائن السماوات والأرض يفتح الرزق على من يشاء ويغلقه على من يشاء.
وقوله (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) الآيات. ليس في ذلك ما يدل على صحة الإحباط على ما يقوله أصحاب الوعيد لان المعنى في ذلك لئن أشركت بعبادة الله غيره من الأصنام أوقعت عبادتك على وجه لا يستحق عليها الثواب.
ولو كانت العبادة خالصة لوجهه لاستحق عليها الثواب ، فلذلك وصفها بأنها محبطة ، وبين ذلك بقوله (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ) أي وجه عبادتك اليه تعالى وحده دون الأصنام.
فصل : قوله (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) الاية : ٦٧.
يقول الله تعالى مخبرا عن حال الكفار انهم ما عظموه حق عظمته إذ دعوك الى عبادة غيره.
ومعنى الاية أن الأرض بأجمعها في مقدوره ، كما يقبض عليه القابض فيكون في قبضته. وكذلك قوله (وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) معناه أي في مقدوره طيها ، وذكرت اليمين مبالغة في الاقتدار والتحقيق للملك. وقيل : اليمين القوة ، قال الشاعر :
إذا ما راية رفعت لمجد |
|
تلقاها عرابة باليمين |