الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) الآيات : ٦ ـ ١٠.
أخبر تعالى أن النبي أولى بالمؤمنين منهم بأنفسهم ، بمعنى أحق بتدبيرهم ، وبأن يختاروا ما دعاهم اليه ، وأحق بأن يحكم فيهم بما لا يحكم به في نفسه ، لوجوب طاعته التي هي مقرونة بطاعة الله ، وهو أولى في ذلك وأحق من نفس الإنسان لأنها ربما دعته الى اتباع الهوى ، ولان النبي عليهالسلام لا يدعو الا الى طاعة الله ، وطاعة الله أولى أن يختار على طاعة غيره.
وواحد الأنفس نفس ، وهي خاصة الحيوان الحساسة التي هي أنفس ما فيه ويحتمل أن يكون اشتقاقه من التنفس وهو التروح ، لان من شأنها التنفس. ويحتمل أن يكون مأخوذا من النفاسة ، لأنها أجل ما فيه وأكرمه.
ثم قال (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) والمعنى أنهن كالأمهات في وجوب الحرمة وتحريم العقد عليهن.
ثم قال (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) فأولوا الأرحام أولوا الأنساب ، لما ذكر الله أن أزواجه أمهاتهم في الحكم من جهة عظم الحرمة ، قال (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) أي : الا ما بين الله في كتابه مما يجوز (١) لازواج النبي عليهالسلام أن يدعين أمهات المؤمنين.
وقال قتادة : كان الناس يتوارثون بالهجرة ، فلا يرث الاعرابي المسلم من المهاجر حتى نزلت الاية.
وقيل : انهم كانوا يتوارثون بالمؤاخاة الاولة ، ثم نسخ ذلك فبين الله تعالى أن أولى الأرحام بعضهم أولى ببعض ، أي : من كان قرباه أقرب ، فهو أحق بالميراث من الأبعد.
وظاهر ذلك يمنع أن يرث مع البنت والام أحد من الاخوة والأخوات ، لان
__________________
(١). في التبيان : لا يجوز.