في زمن عمر ، ولم يخالف فيه أحد الا الشافعي ، فانه قال : يأخذ منه الفقراء والأغنياء وانما ذكروا في الاية لأنهم منعوا الصدقة ، فبين الله أن لهم في مال الفيء حقا.
والذي نذهب اليه أن مال الفيء غير مال الغنيمة ، فالغنيمة كل ما أخذ من دار الحرب بالسيف عنوة مما يمكن نقله الى دار الإسلام ، وما لا يمكن نقله الى دار الإسلام ، فهو لجميع المسلمين ينظر فيه الامام ، ويصرف ارتفاعه الى بيت المال لمصالح المسلمين.
والفيء كل ما أخذ من الكفار بغير قتال أو انجلى أهلها ، وكان ذلك للنبي عليهالسلام خاصة يضعه في المذكورين في هذه الاية ، وهو لمن قام مقامه من الائمة الراشدين ، وقد بين الله تعالى ذلك ومال بني النظير كان للنبي خاصة وقد بينه الله «وما أفاء الله» يعني : ما رجعه الله ورده على رسوله «منهم» يعني من بني النظير.
ثم بين فقال تعالى (فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ) أي : لم توجفوا على ذلك بخيل ولا ركاب. والإيجاف الإيقاع ، وهو تسيير الخيل أو الركاب والركاب الإبل.
ثم قال مبينا من استحق ذلك ، فقال (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى) يعني : قرى بني النظير «فلله وللرسول ولذي القربى» يعني : أهل بيت رسول الله (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) من أهل بيت رسول الله لان تقديره : ولذي قرباه ويتامى أهل بيته وابن سبيلهم ، لان الالف واللام يعاقب الضمير ، وظاهره يقتضي أنه لهؤلاء سواء كانوا أغنياء أو فقراء.
ثم بين لم فعل ذلك ، فقال (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) فالدولة بضم الدال نقلة النعمة من قوم الى قوم. وبفتح الدال المرة من الاستيلاء والغلبة.
وقوله (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) الذين هاجروا من مكة الى المدينة ، أو هاجروا من دار الحرب الى دار الإسلام (الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ) الذي كان