الثاني هو الاول ، ولو كان غيره لم يجز عقابه.
قوله (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها) والسبب في ذلك أنه كان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا ، فقيل : ان الملك كان يأخذ السفينة الصحيحة ولا يأخذها إذا كانت معيبة.
والوراء والخلف واحد ، وهو نقيض جهة القدام على مقابلتها.
وقال قتادة : وراءهم هاهنا بمعنى أمامهم ، ومنه قوله (مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ) (١) و (مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ) (٢) وذلك جائز على الاتساع ، لأنها جهة مقابلة الجهة ، فكان كل واحد من الجهتين وراء الاخر ، قال لبيد :
أليس ورائي ان تراخت منيتي |
|
لزوم العصا تحني عليها الأصابع |
وقال آخر :
أيرجو بني مروان سمعي وطاعتي |
|
وقومي تميم والفلاة ورائيا |
وقال الفراء : يجوز ذلك في الزمان دون الأجسام ، تقول : البرد والحر وراءنا ولا تقول زيد وراءك.
وقال الرماني وغيره : يجوز في الأجسام التي لا وجه لها كحجرين متقابلين كل واحد منهما وراء الاخر.
وقال الزجاج : وراءهم خلفهم ، لأنه كان رجوعهم عليه ولم يعملوا به.
وقيل : ان قوله «فخشينا» من قول الخضر. وقيل : انه من قول الله ، ومعناه علمنا. وقيل : معنى خشينا كرهنا ، فبين أن الوجه في قتله ما لا بويه من المصلحة في باب (٣) الدين ، لأنه لو بقي حيا «لارهقهما طغيانا وكفرا» أي : أوقعهما فيه ،
__________________
(١). سورة الجاثية : ٩.
(٢). سورة المؤمنون : ١٠١.
(٣). في التبيان : ثبات.