لان أحدا من الامة لا يفرق بين الموضعين.
وقوله (وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) معناه : ويبقى ربك الظاهر بأدلته ، كظهور الإنسان بوجهه ، فالوجه يذكر على وجهين :
أحدهما : بعض الشيء كوجه الإنسان.
الثاني : بمعنى الشيء المعظم في الذكر ، كقولهم هذا وجه الرأي ، وهذا وجه التدبير ، أي : هو التدبير وهو الرأي.
ومعنى قوله (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) ان كل يوم الله تعالى في شأن ، ويقال : لا يشغله شأن عن شأن ، والمعنى أن كل يوم الله تعالى في شأن من احياء قوم واماتة آخرين ، وعافية قوم ومرض غيرهم ، ونجاة وإهلاك ورزق وحرمان ، وغير ذلك من الأمور والنعمة.
فصل : قوله (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ) الآيات : ٣١ ـ ٣٦.
معنى قوله (سَنَفْرُغُ لَكُمْ) من أبلغ الوعيد وأعظم التهديد. وقيل : في معناه قولان :
أحدهما : سنفرع لكم من الوعيد وينقضي ويأتيكم المتوعد به ، فشبه ذلك بمن فرغ من شيء وأخذ في غيره.
الثاني : انا سنعمد عمد (١) من يتفرغ للعمل ، لتجويده من غير تضجيع فيه ، كما يقول القائل : سأتفرغ لك ، والله تعالى لا يشغله شيء عن شيء ، لأنه من صفات الأجسام ، وهو من أبلغ الوعيد ، لأنه يقتضي أنه يجازي بصغير ذنبه وكبيره إذا كان مستحقا لسخط الله.
وقوله (أَيُّهَ الثَّقَلانِ) خطاب للجن والانس ، وانما سميا ثقلين لعظم شأنهما بالاضافة الى ما في الأرض من غيرهما ، فهما أثقل وزنا لعظم الشأن بالعقل والتمكين
__________________
(١). في التبيان : سنعمل عمل.