الأوّل : قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) ، (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ)(٢) ، (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً)(٣) ، (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ)(٤) ، وغير ذلك من الآيات الدالّة على منع اتّباع الظن والعمل به وذمّ الصائر إليه.
الثاني : لو جاز أن يقول تعالى : مهما غلب على ظنّكم صدق الراوي فاعملوا بخبره ، جاز أن يقول : مهما غلب على ظنّكم صدق المدّعي للرسالة فاقبلوا شرعه وأحكامه ، لأنّا في كلتا الصورتين نكون عاملين بدليل قطعي ، وهو إيجاب الله تعالى علينا العمل بالظنّ ، أو إيجاب العقل علينا ذلك ، لكن التالي باطل فكذا المقدّم.
الثالث : لو جاز التعبد بخبر الواحد في الفروع لجاز التعبد به في الأصول حتى يكتفي في معرفة الله تعالى بالظنّ.
الرابع : الشرعيات مصالح ، والخبر الّذي يجوز كذبه لا يجوز التعويل عليه في تحصيل المصالح.
لا يقال : يجوز أن تكون المصلحة هي إيقاع ذلك الفعل المظنون.
لأنّا نقول : كون الفعل مصلحة إمّا أن يكون سبب ذلك الظن ، أو لا بسببه.
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.
(٢) الأنعام : ١١٦.
(٣) النجم : ٢٨.
(٤) البقرة : ١٦٩.