والأوّل باطل ، لأنّه لو جاز أن يؤثّر ظنّنا في صيرورة ما ليس بمصلحة مصلحة لجاز أن يؤثّر ظنّنا بمجرد التشهّي في ذلك ، حتى يحسن من الله تعالى أن يقول : أطلقت لك أن تحكم بمجرّد التشهّي من غير دليل ولا أمارة ، وهو معلوم البطلان.
وأمّا الثاني فإذا لم يكن وصف المصلحة تابعا لظنّنا ، جاز أن يكذب الظنّ ، فيكون الإذن في العمل بالظنّ إذنا في فعل ما لا يجوز فعله ، وهو باطل.
الخامس : الأصل براءة الذمّة من الحقوق والعبادات وتحمّل المشاق ، وهو مقطوع به ، فلا يجوز مخالفته بالمظنون الّذي يجوز كذبه.
السادس : العلم بخبر الواحد يفضي إلى تركه ، (١) فإنّه ما من خبر إلّا ويجوز أن يكون معه خبر آخر مقابل له.
السابع : قبول خبر الواحد تقليد له ، فلا يجوز للمجتهد تقليد ذلك الواحد ، كما لا يجوز تقليده لمجتهد آخر.
والجواب عن الأوّل أنّ الذم إنّما هو على اتّباع الظنّ في مسائل الأصول ، لأنّه ذمّ للكفّار لا في مسائل الفروع ، وأيضا فإنّه مخصوص بالفتوى والشهادة والأمور الدّنيوية ، فإنّ من أخبر «هذا الطعام مسموم» وحصل ظنّ صدقه لم يجز له تناوله ، وبه تنتقض الوجوه الباقية.
ونمنع الملازمة في الثاني ، ولا جامع لهم فيه مع قيام الفرق ، أمّا أوّلا :
__________________
(١) أي ترك العمل بخبر الواحد.