قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نهاية الوصول إلى علم الأصول [ ج ٣ ]

نهاية الوصول إلى علم الأصول [ ج ٣ ]

410/656
*

والأوّل متعذّر في حق الكلّ ، فتعيّن الثاني ، فلو لم يكن خبر الواحد مقبولا لما تحقّق معنى التبليغ والرسالة إلى جميع الخلائق.

اعترض (١) بأنّه إنّما يمتنع ذلك أن لو كان التبليغ إلى كلّ من في عصره واجبا ، وأن كلّ من في عصره مكلّف بما بعث به ، وليس كذلك ، بل إنّما هو مكلّف بالتبليغ إلى من يقدر على إبلاغه إمّا بالمشافهة أو بخبر التواتر. وكذا كلّ واحد من الأمّة إنّما كلّف بما أرسل به الرسول إذا علمه ، وأمّا مع عدم علمه به فلا ، ولهذا فإنّ الموجودين في البلاد البعيدة والجزائر المنقطعة ، ولا سبيل إلى إعلامهم ، لم يكن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكلفا بتبليغهم ، ولا كلّ واحد منهم كان مكلّفا بما أرسل به.

وليس بجيد ، لأنّ بعثته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عامّة بالنسبة إلى كلّ المكلفين ؛ لقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ)(٢).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «بعثت إلى الأسود والأحمر». (٣)

ولثبوت المقتضي ، وهو وجوب اللطف المستند إلى البعثة في حقّهم.

وغير ذلك من الأدلّة فخبر الواحد طريق إلى إثبات الحكم في الفروع ، وإلى وجوب البحث والنظر والطلب في الأصول.

احتجّ المخالف بوجوه (٤) :

__________________

(١) ذكره الآمدي في الإحكام : ٢ / ٦٩.

(٢) سبأ : ٢٨.

(٣) تفسير ابن كثير : ٣ / ٥٤٧ ؛ فتح الباري : ١١ / ٦٢.

(٤) ذكر الرازي الوجوه الأربعة الأولى مع الأجوبة عنها في المحصول : ٢ / ١٩١ ؛ والآمدي ذكر الوجوه الثلاثة الأخيرة والأجوبة عنها في الإحكام : ٢ / ٧٩.