وعن الثالث : أنّ أهل العصر الأوّل غير موجودين في هذه الحال فيقال انّهم مع أهل الثاني منهيون عن التفرق ، وأيضا فالمفهوم من قوله : (وَلا تَفَرَّقُوا) هو أن لا يتفرّقوا في الاعتصام ، فيجب أن يبيّن المستدلّ أنّ ما أجمع عليه أهل العصر اعتصام بحبل الله حتى يعلم من بعدهم أنّهم قد نهوا عن مفارقتهم فيه ، وهو غير ظاهر.
الوجه الخامس : قوله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ).(١)
شرط في الرد إلى الكتاب والسنّة التنازع ، فإذا عدم التنازع وحصل الاتفاق لم يجب (٢) الرد إليهما قضية للشرط ، بل يكفي الاتّفاق ، وهو معنى كون الإجماع حجّة.
واعترض بأنّ سقوط وجوب الرد إلى الكتاب والسنّة عند الاتّفاق على الحكم إن كان بناء على الكتاب والسنّة كفيا في الحكم ولا حاجة إلى الإجماع ، وإن كان لا (٣) بالبناء عليهما لزم تجويز وقوع الإجماع من غير دليل وهو مانع من صحّة الإجماع ، كيف وانّا لا نسلّم بقاء الشرط فإنّ الكلام إنّما هو مفروض فيما إذا وجد النزاع ممّن تأخر إجماع المتقدمين.
وأجيب بجواز الاستناد إلى غير الكتاب والسنّة من القياس والاستنباط.
سلّمنا ، لكن ليس في ذلك ما يدلّ على عدم اكتفاء من وجد بعد أهل
__________________
(١) النساء : ٥٩.
(٢) في «أ» : يجز.
(٣) ليس في «أ».