المبحث السّابع : في امتناع نسخ جميع التكاليف
اتّفق العقلاء على جواز رفع التكاليف بإعدام العقل الّذي هو شرط التكليف ، ولا يسمّى نسخا ، وعلى استحالة أن يكلّف الله تعالى أحدا بالنّهي عن معرفته ، إلّا عند من يجوّز تكليف المحال ، لأنّ تكليفه بالنّهي عن معرفته ، يستدعي العلم بنهيه ، المتوقّف على العلم به ، فإنّ غير العارف به ، يمتنع عليه معرفة نهيه ، فإذا تحريم معرفته يتوقّف على معرفته ، وهو دور ممتنع (١).
وفيه نظر ، فإنّه لا دور هنا ، نعم انّه تكليف بالمحال ، وكذا لا يجوز أن يكلّفه معرفة شيء من الحوادث على خلاف ما هو به ، لأنّه محال يستحيل فعله وتركه.
بقي الخلاف في موضعين :
الأوّل : هل يجوز نسخ وجوب معرفته تعالى ، وشكر المنعم ، وتحريم الكفر والظلم ، وغير ذلك ممّا قيل بوجوبه لحسنه ، وتحريمه لقبحه ، وبالجملة ما يجب استمراره على وجه واحد من الأفعال إمّا لصفة هو عليها كوجوب الإنصاف ، وقبح الكذب والجهل ، أو لكونه لطفا لا يتغيّر ، كالمعرفة بالله تعالى ، وعدله وتوحيده؟
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ١٢٢.