لم يرض بسنّته. وهو باطل ، لأنّ النسخ يرفع الحكم بعد استقرار مثله ، وذلك يمنع من هذا التوهم ، لأنّه لو لم يرض بها سنّة لم يقرّ عليه ، على أنّ ذلك لو نفّر عنه لنفر نسخ سنّته بمثلها.
احتج الشافعي بقوله تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ)(١) ، وهو يدلّ على أنّ كلامه بيان للقرآن ، والناسخ بيان المنسوخ ، فلو كان القرآن ناسخا للسنّة ، لكان القرآن بيانا للسنّة ، فيكون كلّ منهما بيانا لصاحبه.
والجواب : لا دلالة فيه على أنّه لا يتكلّم إلّا بالبيان.
سلّمنا ، لكنّ البيان [هو] الإبلاغ ، لأنّه عامّ في كلّ القرآن ، بخلاف بيان المراد ، لتخصيصه بالمجمل (سلّمنا لكن جاز اختلاف الحجّة) (٢).
المبحث الخامس : في نسخ خبر الواحد
اتّفق القائلون بالنسخ والعمل بخبر الواحد ، على جواز نسخ خبر الواحد بمثله ، وقد وقع في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها» (٣).
واتّفقوا على نسخ خبر الواحد بالتواتر من القرآن والسنّة.
__________________
(١) النحل : ٤٤.
(٢) ما بين القوسين يوجد في بعض النسخ. أي اختلاف السنّة ، فتارة يكون مفاده مبيّنا للقرآن ، وأخرى يكون حكما مستقلّا يصح أن يكون القرآن ناسخا له.
(٣) أخرجه ابن ماجة في سننه : ١ / ٥٠١ برقم ١٥٧١ ؛ والبيهقي في سننه الكبرى : ٤ / ٧٦ ـ ٧٧ ؛ وأبو داود في سننه : ٣ / ٢١٨ برقم ٣٢٣٥.