البحث الثالث : في أنّه لا يشترط فقه الراوي ولا يعقل روايته ولا معرفة نسبه
ذهب أكثر المحقّقين إلى أنّه لا يشترط كون الراوي فقيها ، سواء وافقت روايته القياس أو لا. وقال أبو حنيفة : لا يقبل إلّا الفقيه إذا خالفت روايته القياس.
لنا (١) وجوه :
الأوّل : قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(٢) أمر بالتثبّت عند مجيء الفاسق ، فينتفي وجوب التثبّت في غير الفاسق ، سواء كان عالما أو جاهلا ، وهو مبني على أنّ المفهوم حجّة وأنّه يدخله العموم.
الثاني : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «نضّر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها ، فرب حامل فقه ليس بفقيه» (٣).
وفيه نظر ، إذ لا يدلّ على وجوب القبول فيما خالف القياس.
الثالث : خبر الواحد يفيد ظن الصدق ، فوجب العمل به ، لما تقدّم من أنّ العمل بالظن واجب.
__________________
(١) وهو قول الرازي في المحصول : ٢ / ٢٠٨.
(٢) الحجرات : ٦.
(٣) وسائل الشيعة : ٢٧ / ٨٩ ، الحديث ٣٣٢٨٨ ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ؛ مسند أحمد : ٣ / ٢٢٥ ، وج ٤ / ٨٠ و ٨٢.