المبحث الثامن : في استحالة نسخ الإجماع (١)
ذهب أكثر الناس إلى ذلك ، وجوّزه الأقلّ.
لنا : أنّ الإجماع إنّما ينعقد بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّه ما دام حيّا لا ينعقد (٢) الإجماع من دونه ، لأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم سيّد المؤمنين ، وإذا وجد قوله لم يعتبر قول غيره ، فالإجماع إنّما ينعقد بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويستحيل حينئذ نسخه بالكتاب والسنّة ، لاستحالة حدوثهما بعده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي زمانه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا إجماع ، وبعده يستلزم حكم جميع الأمّة على خلاف الكتاب والسنّة ، فيكون باطلا.
وبالإجماع (٣) لأنّ الثاني ، إن لم يكن عن دليل ، كان خطأ ، وإن كان عن دليل ، فإن كان موجودا حال انعقاد الإجماع الأوّل ، لزم كون الأوّل خطأ ، وهو محال ، وإن لم يكن موجودا ، استحال تجدّده.
لا يقال : ينتقض بإجماع الأمّة على تسويغ العاميّ بأخذ أحد قولهما ،
__________________
(١) قد ذكر المصنّف لنسخ الإجماع في ثنايا كلامه صورا ، وهي :
١. نسخ الإجماع بالكتاب.
٢. نسخ الإجماع بالسنّة.
٣. نسخ الإجماع بالإجماع.
٤. نسخ الإجماع بالقياس.
ثمّ أخذ في تحقيقها ، فلاحظ.
(٢) في «أ» : لم ينعقد.
(٣) أي ويستحيل نسخ الإجماع بالإجماع.