النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد دعانا إلى الانقياد له في فعل أخبر أنّه مصلحة ، وخلافه مضرة ، فقد ظننا تفصيل ما علمناه في الجملة ، فوجب العمل به.
واعترض أبو الحسين (١) نفسه بأنّه وجب قبول الخبر في العقليات ، لأنّه لا يغلب على الظن وصول المضرّة إليه إذا قبلناه ، بل يغلب على الظن وصولها إذا لم يقبله ؛ وليس كذلك الشرعيات ، لأنّه لا يغلب على ظنّنا وصول المضرّة إذا لم يقبل خبر الواحد ، بل لا نأمن أن يؤاخذنا المتعبّد لنا إذا قبلنا خبر الواحد.
وأجاب بأنّ كلامنا في خبر مظنون الصدق لدينه وأمانته ، وخبر من هذه سبيله في الشرعيات يساوي خبره في العقليات ، لأنّه وارد بتفصيل الانقياد للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك يقتضي أن يغلب على ظنّنا وصول المضرّة إلينا إن لم يقبل خبره ويؤمننا من مؤاخذة المتعبّد إذا قبلناه.
واعترض قاضي القضاة (٢) على قياس خبر الواحد في الشرعيات على قبوله في العقليات والمعاملات ، بأنّ المعاملات مبنيّة على غالب الظنّ ، والشرعيات مبنيّة على المصالح ، فإذا لم يأمن كذب المخبر لم يأمن أن يكون فعلنا ما أخبرنا به مفسدة.
وأجاب أبو الحسين بأنّ قوله : «المعاملات مبنية على غالب الظن» هو الحكم الّذي ظننّا علّته ، وقسنا بها خبر الواحد في الشرعيات على المعاملات ، فلا ينبغي أن يفرق بينهما بذلك ، لأنّا نكون قد فرّقنا بين
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٠٨.
(٢) ذكر الاعتراض وأجاب عنه أبو الحسين في المعتمد : ٢ / ١٠٩.