الرجوع إلى الشهادة والفتوى ، لإمكان الرجوع الى البراءة الأصلية.
الحادي عشر : العمل بخبر الواحد يقتضي دفع ضرر مظنون ، لأنّ العدل إذا أخبر بأنّ الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بفعل ، حصل ظنّ بالأمر ، ومخالفة الأمر سبب لاستحقاق العقاب. فيحصل ظن استحقاق العقاب مع المخالفة ، فالعمل به يقتضي دفع الضرر المظنون ، ودفع الضرر المظنون واجب بالضرورة ، فيجب العمل به ، لأنّه لا يمكن العمل بالمرجوح ، لاستحالة ترجيح المرجوح ، ولا بهما ولا تركهما.
الثاني عشر : احتجاج أبي الحسين (١) وجماعة من المعتزلة أنّ العقلاء يعلمون وجوب العمل بخبر الواحد في العقليات ، ولا يجوز أن يعلموا وجوب ذلك إلّا وقد علموا علّة وجوبه ، ولا علّة لذلك سوى أنّهم ظنّوا بخبر الواحد تفصيل جملة معلومة بالعقل.
وبيانه : أنّه قد علم بالعقل وجوب التحرز من المضار ، وحسن اجتلاب المنافع ، فإذا ظننّا صدق من أخبرنا بالمضرّة إن لم نشرب دواء معينا ، أو لا نقوم من تحت حائط مستهدم ، فقد ظننّا تفصيلا لما علمناه جملة من وجوب التحرّز من المضار وبيان أنّ العلّة للوجوب ما ذكرناه دورانه معها وجودا وعدما ، وهو بعينه موجود في خبر الواحد في الشرعيات ، فوجب العمل به. وذلك لأنّا علمنا في الجملة وجوب الانقياد للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يخبرنا به من مصالحنا ودفع المضار عنّا ، فإذا ظننا بخبر الواحد أنّ
__________________
(١) المعتمد في أصول الفقه : ٢ / ١٠٦ ـ ١٠٧.