قلنا : الذين نقلتم عنهم الرد نقلنا عنهم القبول ، والتوفيق قبول الخبر مع شرائط مخصوصة وردّه لا معها.
ولأنّ الروايات الّتي ذكرتموها للرد تضمّنت قبول خبر الاثنين والثلاثة ، وهو المطلوب ، لأنّه لم يخرج بذلك عن الآحاد.
[الوجه] العاشر : الإجماع على قبول الخبر الّذي لا يعلم صحّته في الفتوى والشهادة ، فكذا في الرواية يجامع تحصيل المصلحة المظنونة ، أو دفع المفسدة المظنونة ؛ بل الرواية أولى بالقبول من الفتوى ، لأنّ الفتوى إنّما تجوز إذا سمع المفتي دليل ذلك الحكم وعرف كيفية الاستدلال به ، وهو دقيق يغلط فيه الأكثر. والرواية تحتاج الى السماع ، فهي أحد أجزاء الفتوى ، فهي أولى بالقبول.
لا يقال : إنّه قياس فلا يفيد اليقين ، ثمّ الفرق أنّ العمل بخبر الواحد يقتضي صيرورة ذلك الحكم شرعا عاما في حقّ الكلّ ، والشهادة والفتوى ليس كذلك ، ولا يلزم من تجويز العمل بالظنّ الذي قد يخطئ في حقّ الواحد تجويزه في حقّ الكلّ ؛ ولأنّ العمل بالفتوى ضروري ، إذ لا يمكن تكليف كلّ أحد في كلّ واقعة بالاجتهاد ، وكذا الشهادة ضرورية في الشرع ، ليتميّز الحق عن الباطل ؛ أمّا العمل بخبر الواحد فغير ضروري للرجوع إلى البراءة الأصلية فيما لم يوجد فيه دليل قاطع ، ولا يلزم من جواز العمل بالظن عند الضرورة جواز العمل به عند عدمها.
لأنّا نقول : نعم هو قياس ظنّي والفرق الأوّل ملغى بشرعية أصل الفتوى ، فإنّه أمر لكلّ الخلق باتّباع الظّن ، والثاني ضعيف ، إذ لا ضرورة في