فإن قيل : نمنع عمل بعض الصحابة على وفق الخبر. ودعوى الضرورة ممنوعة ؛ قال المرتضى (١) : الضرورة يجب اشتراكها مع الاشتراك في طريقها. والإمامية وكلّ مخالف في خبر الواحد من النظّام وجماعة من مشايخ المتكلّمين يخالفونهم فيما ادّعوا فيه الضرورة ، مع امتزاجهم بأهل الاخبار ، ويحلفون على انتفاء العلم ، بل والظن ، ولا يمكن تكذيبهم للمعارضة بالمثل.
والاستدلال ضعيف ، لأنّ الروايات الّتي ذكرتموها وإن بلغت المائة والمائتين فهي غير بالغة حدّ التواتر ، فلا تفيد العلم ، فيرجع الكلام إلى إثبات خبر الواحد بخبر الواحد.
سلّمنا صحّة الروايات ، لكن نمنع العمل بتلك الأخبار ، فجائز أن يعملوا بما يذكروه من الأدلّة ووجوب ذكر المستند وإن كان ظاهرا ، لكن القطع بوجوبه ممنوع ، والمسألة قطعية فلا تبنى على الظن.
سلّمنا ، لكن نمنع عدم الإنكار ، فإنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم توقّف عن خبر ذي اليدين ، إلى أن شهد له أبو بكر وعمر ؛ وردّ أبو بكر خبر المغيرة في توريث الجدّة إلى أن أخبره محمد بن مسلمة ؛ وردّ أبو بكر وعمر خبر عثمان فيما رواه من إذن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ردّ الحكم بن أبي العاص حين طالباه بمن يشهد معه به ؛ وردّ عمر خبر أبي موسى الأشعري حتى شهد له أبو سعيد الخدري ؛ وردّ عمر خبر فاطمة بنت قيس ؛ وردّ علي عليهالسلام خبر أبي سنان
__________________
(١) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ١٨٥.