وباع معاوية شيئا من أواني الذهب والفضة بأكثر من وزنها ، فقال أبو الدّرداء (١) : سمعت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ينهى عنه. فقال معاوية : لا أرى به بأسا ، فقال أبو الدرداء : من يعذرني من معاوية؟ أخبره عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يخبرني عن رأيه ، لا أساكنك بأرض أبدا.
والأخبار في ذلك كثيرة ، وإن لم يكن كلّ واحد منها متواترا ، لكنّ القدر المشترك بينها وهو العمل بمقتضى الخبر متواتر.
وإذا ثبت أنّهم عملوا على وفق هذه الأخبار كان العمل مستندا إليها ، وإلّا لوجب نقل ما استندوا إليه من خبر سمعوه عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أو اجتهاد منهم للعادة بأنّ الجمع العظيم إذا اشتدّ اهتمامهم بشيء حصل فيه لبس ثمّ زال لدليل سمعوه أو استنبطوه ، أظهروه واستبشروا بالظفر به وتعجّبوا من ذهابهم عنه.
ولأنّ عملهم بمضمون الخبر يوهم استنادهم إليه ، فلو لم يكن كذلك لوجب عليهم إظهار المستند حذرا من التلبيس.
ولأنّ أبا بكر طلب من المغيرة شاهدا معه في إرث الجدّ ، وهو يدلّ على أنّه كان يرى الحكم بروايتهما ؛ وقال عمر في الجنين : لو لا هذه الرواية لقضينا فيه بغيره ، وغير ذلك.
__________________
(١) أبو الدرداء هو عويمر بن قيس بن زيد بن قيس بن أمية بن عامر بن عدي بن كعب بن خزرج بن الحارث من الخزرج ، ويقال اسمه : عامر بن مالك وعويمر لقبه ، له صحبة ، نزل الشام. الجرح والتعديل : ٧ / ٢٦ برقم ١٤٦.