قال القرطبي (١) : قيل : في الكلام إضمار ، أي : قل لهم يا محمد : كونوا أنصار الله.
وقيل : هو ابتداء خطاب من الله ، أي : كونوا أنصار الله كما فعل أنصار عيسى ، فكانوا بحمد الله أنصارا وكانوا حواريين.
فصل في الحواريين
قال القرطبيّ (٢) : «الحواريون : خواص الرسل.
قال معمر : كان ذلك بحمد الله تعالى ، أي نصروه سبعون رجلا ، وهم الذين بايعوه ليلة العقبة ، وقيل هم من قريش ، وسماهم قتادة : أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص ، وأبو عبيدة واسمه عامر ، وعثمان بن مظعون ، وحمزة بن عبد المطلب ، وعثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، ولم يذكر سعيدا فيهم ، وذكر جعفر بن أبي طالب ـ رضي الله عنهم ـ أجمعين».
قوله : (كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ).
وهم أصفياؤه اثنا عشر رجلا ، وقد مضت أسماؤهم في «آل عمران».
وهم أول من آمن به من بني إسرائيل. قاله ابن عباس (٣).
وقال مقاتل : قال الله لعيسى : إذا دخلت القرية فأت النهر الذي عليه القصارون فاسألهم النصرة ؛ فأتاهم عيسى وقال لهم : من أنصاري إلى الله؟ فقالوا : نحن ننصرك ، فصدقوه ونصروه(٤).
قوله : «كما». فيه أوجه (٥) :
أحدها : أن الكاف في موضع نصب على إضمار القول ، أي : قلنا لهم ذلك كما قال عيسى.
الثاني : أنه (٦) نعت لمصدر محذوف تقدير : كونوا كونا. قاله مكي. وفيه نظر ؛ إذ لا يؤمروا بأن يكونوا كونا.
الثالث : أنه كلام محمول على معناه دون لفظه.
وإليه نحا الزمخشري (٧) ، قال : «فإن قلت : ما وجه صحة التشبيه وظاهره تشبيه كونهم أنصارا بقول عيسى صلىاللهعليهوسلم من أنصاري؟
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٨ / ٥٨ ، ٥٩.
(٢) ينظر السابق.
(٣) ينظر : القرطبي (١٨ / ٥٨).
(٤) ينظر تفسير القرطبي (١٨ / ٥٨).
(٥) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣١٤.
(٦) في ب : إنها.
(٧) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٢٨.