قوله : (فَاحْذَرْهُمْ). فيه وجهان (١) :
أحدهما : فاحذر أن تثق بقولهم ، أو تميل إلى كلامهم.
الثاني : فاحذر ممايلتهم لأعدائك ، وتخذيلهم لأصحابك.
(قاتَلَهُمُ اللهُ).
قال ابن عباس : أي : لعنهم الله (٢).
قال أبو مالك : هي كلمة ذمّ وتوبيخ.
وقد تقول العرب : قاتله الله ما أشعره ، فيضعونه موضع التعجب.
وقيل : معنى (قاتَلَهُمُ اللهُ) أي : أحلّهم محلّ من قاتله عدو قاهر ، لأن الله تعالى قاهر لكلّ معاند. حكاه ابن عيسى (٣).
قوله : (أَنَّى يُؤْفَكُونَ).
«أنى» بمعنى : كيف.
قال ابن عطية (٤) : ويحتمل أن يكون «أنى» ظرفا ل «قاتلهم» ، كأنه قال : قاتلهم الله كيف انصرفوا ، أو صرفوا ، فلا يكون في القول استفهام على هذا. انتهى.
قال شهاب الدين (٥) : وهذا لا يجوز ؛ لأن «أنّى» إنما تستعمل بمعنى «كيف» ، أو بمعنى «أين» الشرطية أو الاستفهامية ، وعلى التقادير الثلاثة فلا تتمحض للظرف ، فلا يعمل فيها ما قبلها ألبتّة كما لا يعمل في أسماء الشرط والاستفهام.
فصل
قال ابن عباس : (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) أي : يكذبون (٦).
وقال قتادة : أي يعدلون عن الحق (٧).
وقال الحسن : يصرفون عن الرشد (٨).
وقيل : معناه كيف تضل عقولهم على هذا مع وضوح الدّلائل ، وهو من الإفك.
قوله : «أنّى» بمعنى : «كيف» ، وقد تقدم (٩).
__________________
(١) ينظر : القرطبي (١٨ / ٨٢).
(٢) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ١٦) وينظر المصدر السابق.
(٣) ينظر : القرطبي ١٨ / ٨٢.
(٤) المحرر الوجيز ٥ / ٣١٣.
(٥) الدر المصون ٦ / ٣٢١.
(٦) ينظر : القرطبي ١٨ / ٨٢.
(٧) ينظر المصدر السابق.
(٨) ينظر المصدر السابق.
(٩) ينظر : القرطبي ١٨ / ٨٢.