وقرأ الحسن (١) : «يظهر» بفتح الياء والهاء من «ظهر» ثلاثيا ، و «أحد» فاعل به.
فصل في تفسير الغيب
الغيب ما غاب عن العباد (٢).
وقد تقدم الكلام عليه أول البقرة.
قوله : (إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ). يجوز أن يكون استثناء منقطعا ، أي لكن من ارتضاه فإنه يظهره على ما يشاء من غيبه بالوحي ، و «من» في قوله : (مِنْ رَسُولٍ) لبيان المرتضين وقوله : (فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) بيان لذلك.
وقيل : هو متصل ، و «رصدا» تقدم الكلام عليه.
ويجوز أن تكون «من» ، شرطية ، أو موصولة مضمنة معنى الشرط ، وقوله «فإنّه» خبر المبتدأ على القولين ؛ وهو من الاستثناء المنقطع أيضا ، أي : لكن ، والمعنى : لكن من ارتضاه من الرسل ، فإنّه يجعل له ملائكة رصدا يحفظونه.
فصل في الكرامات
قال الزمخشريّ : «في إهذه الآية إبطال الكرامات ؛ لأن الذين تضاف إليهم الكرامات ، وإن كانوا أولياء مرتضين فليسوا برسل ، وقد خصّ الله الرسل من بين المرتضين بالاطلاع على الغيب وفيها أيضا إبطال الكهانة والتنجيم لأن أصحابهما أبعد شيء من الارتضاء ، وأدخل في السخط».
قال الواحديّ : وفيها دليل على أن من ادعى أنّ النجوم تدل على ما يكون من حياة ، أو موت ، أو غير ذلك فقد كفر بما في القرآن.
قال ابن الخطيب (٣) : واعلم أن الواحديّ يجوز الكرامات ، وأن يلهم الله أولياءه وقوع بعد الوقائع في المستقبل ونسبة الآية في الصورتين واحدة فإن جعل الآية دالة على المنع من أحكام النجوم ، فينبغي أن يجعلها دالة على المنع من الكرامات على ما قاله الزمخشريّ ، فإن جوّز الكرامات لزمه تجويز علم النجوم وتفريقه بينهما تحكم محض.
قال ابن الخطيب : وعندي لا دلالة في الآية على شيء مما قالوه ، إذ لا صيغة عموم في عينه لأنه لفظ مفرد مضاف فيحمل على غيب واحد ، وهو وقت القيامة لأنه واقع بعد قوله (أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ) الآية.
فإن قيل : فما معنى الاستثناء حينئذ؟.
__________________
(١) ينظر : السابق.
(٢) في أ : العيان.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٣٠ / ١٤٨.