الثامن : أن يكون «رسولا» منصوب بفعل مقدر ، أي : أرسل رسولا ، لدلالة ما تقدّم عليه.
قال البغوي (١) : كأنه قيل : أنزل إليكم قرآنا وأرسل رسولا.
وقيل : مع رسول.
التاسع : أن يكون منصوبا على الإغراء ، أي : اتبعوا والزموا رسولا هذه صفته.
فصل في قوله : رسولا
اختلف الناس في «رسولا» ، هل هو النبي صلىاللهعليهوسلم أو القرآن نفسه أو جبريل.
قال الزمخشري (٢) : «هو جبريل أبدل من «ذكرا» لأنه وصف بتلاوة آيات الله ، فكان إنزاله في معنى إنزال الذّكر ، فصح إبداله منه».
قال أبو حيّان (٣) : «ولا يصحّ هذا لتباين المدلولين بالحقيقة ، ولكونه لا يكون بدل بعض ، ولا بدل اشتمال». انتهى.
قال شهاب الدين (٤) : «وهذا الذي قاله الزمخشري سبقه إليه الكلبي ، وأما اعتراضه عليه ، فغير لازم ؛ لأنه بولغ فيه حتى جعل نفس الذكر كما تقدم بيانه».
وقرىء (٥) : «رسول» بالرفع على إضمار مبتدأ ، أي : هو رسول.
وقيل : الذكر هنا الشّرف كقوله تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) [الأنبياء : ١٠] وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) [الزخرف : ٤٤] ثم بين الشرف فقال : «رسولا» ، والأكثر على أن المراد بالرسول محمد صلىاللهعليهوسلم.
وقال الكلبي : هو جبريل ، فيكونان جميعا منزلين (٦).
قوله : (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ). نعت ل «الرسول» ، و (آياتِ اللهِ) القرآن. و «مبيّنات» قرأ العامة : بفتح الياء ، أي : يبينها الله ، وبها قرأ ابن عباس ، وهي اختيار أبي عبيد ، وأبي حاتم ، لقوله تعالى : (قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) [آل عمران : ١١٨].
وقرأ ابن عامر ، وحفص ، وحمزة ، والكسائي : بكسرها ، أي : يبين لكم ما تحتاجون إليه من الأحكام.
قوله : (لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ). الجار متعلق إما ب «أنزل» وإما ب «يتلو».
__________________
(١) ينظر : معالم التنزيل ٤ / ٣٦١.
(٢) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٦٠.
(٣) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٨٢.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣٣٢.
(٥) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٦١ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٨٣ ، والدر المصون ٦ / ٣٣٢.
(٦) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١١٤).