وقال قتادة : «الفاقرة» : الشر (١) ، وقال السديّ : الهلاك (٢).
وقال ابن عباس وزيد : دخول النار (٣) ، وأصلها الوسم على أنف البعير بحديدة أو نار حتى يخلص إلى العظم. قاله الأصمعي.
يقال : فقرت أنف البعير : إذا حززته بحديدة ، ثم جعلت على موضع الحزّ الجرير وعليه وتر ملويّ لتذلله وتروضه.
قوله تعالى : (كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ راقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (٣٠) فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (٣١) وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلى لَكَ فَأَوْلى (٣٤) ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى)(٣٥)
قوله تعالى : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) «كلّا» ردع وزجر ، أي بعيد أن يؤمن الكافر بيوم القيامة ، ثم استأنف فقال : (إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ) أي : بلغت النفس والروح التراقي فأخبر بما لم يجر له ذكر لعلم المخاطب به كقوله تعالى : (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) [ص : ٣٢] وقوله : (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) [الواقعة : ٨٣].
وقيل : «كلّا» معناه «حقّا» إن المساق إلى الله تعالى إذا بلغت التراقي ، أي إذا ارتفعت النفس إلى التراقي.
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول : إذا بلغت نفس الكافر التراقي (٤). و «التراقي» : مفعول «بلغت» والفاعل مضمر ، أي : النفس وإن لم يجر لها ذكر ، كقول حاتم : [الطويل]
٥٠٠٤ ـ أماويّ ما يغني الثّراء عن الفتى |
|
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصّدر (٥) |
أي : حشرجت النفس.
وقيل في البيت : إن الدال على النفس ذكر جملة ما اشتمل عليها وهو الفتى فكذلك هنا ذكر الإنسان دال على النفس ، والعامل في (إِذا بَلَغَتِ) معنى قوله تعالى : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) [القيامة : ٣٠] ، أي : إذ بلغت الحلقوم رفعت إلى الله تعالى ، ويكون قوله : (وَقِيلَ مَنْ راقٍ) [القيامة : ٢٧] معطوف على «بلغت».
و «التراقي» : جمع «ترقوة» ، أصلها : «تراقو» قلبت واوها ياء لانكسار ما قبلها.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٤٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٧٧) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٧٢).
(٣) ينظر المصدر السابق.
(٤) ينظر المصدر السابق.
(٥) تقدم.