وقوله : [الوافر]
٤٩٤٥ ـ على ما قام يشتمني لئيم |
|
...........(١) |
في أحد القولين ، فيكون المعنى : قيام عزم وتصميم ، والقول الآخر : أن «قام» مزيدة ، وفي جعلها بمعنى الأخذ في القيام نظر ؛ لأنه حينئذ يصير من أخوات «عسى» فلا بد له من خبر يكون فعلا مضارعا مجردا.
قوله : (فَأَنْذِرْ) ، مفعوله محذوف ، أي : أنذر قومك عذاب الله ، والأحسن أن لا يقدر له ، أي : أوقع الإنذار.
فصل في معنى الآية
المعنى : يا أيها الذي قد دثّر ثيابه ، أي : تغشى بها ونام.
وقيل : ليس المراد التدثر بالثوب ، فإن قلنا : التدثر ، ففيه وجوه :
أحدها : أن هذا من أوائل ما نزل من القرآن.
روى جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «كنت على جبل حراء ، فنوديت يا محمّد ، إنّك لرسول ، فنظرت عن يميني ، ويساري ، فلم أر أحدا فنظرت فوقي فرأيت الملك الذي جاءني بحراء جالسا على كرسي بين السّماء والأرض ، فخفت فرجعت إلى خديجة ، فقلت : دثّروني ، وصبّوا عليّ ماءا باردا ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ)(٢).
وثانيها : أن أبا جهل ، وأبا لهب ، وأبا سفيان ، والوليد بن المغيرة ، والنضر بن الحارث ، وأميّة بن خلف ، والعاص بن وائل والمطعم بن عدي ، اجتمعوا وقالوا : إنّ وفود العرب مجتمعون في أيام الحج ، وهم يسألون عن أمر محمد صلىاللهعليهوسلم وقد اختلفتم في الإخبار عنه ، فمن قائل هو مجنون. وقائل : كاهن. وقائل : ساحر ، وتعلم العرب أن هذا كله لا يجتمع في رجل واحد ، فيستدلون باختلاف الأجوبة على أنها أجوبة باطلة ، فسمّوا محمدا باسم واحد يجتمعون عليه ، وتسميه العرب به فقدم رجل منهم فقال : إنه شاعر ، فقال الوليد : سمعت كلام عبيدة بن الأبرص [وكلام أمية بن أبي الصلت ، وكلامه ما يشبه كلامهما ، فقالوا : كاهن ، فقال :] الكاهن يصدق ويكذب ، وما كذب محمد صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) تقدم.
(٢) أخرجه البخاري (١ / ٢٥ ـ ٢٦) كتاب : بدء الوحي رقم (٢) ومسلم (٤ / ١٨١٦ ـ ١٨١٧) كتاب الفضائل : باب عرق النبي صلىاللهعليهوسلم في البرد (٨٧ ـ ٢٣٣٣) والطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٩٦) والترمذي (٥ / ٣٩٩) رقم (٣٣٢٥). وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٥٠) وزاد نسبته إلى الطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وابن الضريس وابن المنذر وابن مردويه.