(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) إلى آخره ، تقدم الكلام على «ضرب» مع «المثل» ، وهل هو بمعنى «صير» أم لا؟ وكيف ينتصب ما بعدها في سورة «النحل» (١).
فصل في ضرب الله لهذا المثل
ضرب الله هذا المثل تنبيها على أنه لا يغني أحد عن قريب ، ولا نسب في الآخرة إذا فرق بينهما الدّين ، وكان اسم امرأة نوح «والهة» ، وامرأة لوط «والغة» ، قاله مقاتل.
وقال الضحاك عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ : إن جبريل نزل على النبي صلىاللهعليهوسلم فأخبره أن اسم امرأة نوح «واغلة» وامرأة لوط «والهة» ، (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ) يعني نوحا ولوطا (٢).
ويجوز أن يكون (امْرَأَتَ نُوحٍ) بدلا من قوله «مثلا» على تقدير حذف المضاف ، أي : ضرب الله مثلا مثل امرأة نوح.
ويجوز أن يكونا مفعولين.
قوله : (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ).
جملة مستأنفة كأنها مفسرة ل «ضرب المثل» ، ولم يأت بضميرهما ، فيقال : تحتهما أي : تحت نوح ولوط ، لما قصد من تشريفهما بهذه الإضافة الشريفة ، وليصفهما بأجلّ الصّفات ، وهو الصّلاح.
قوله : (فَخانَتاهُما).
قال عكرمة ، والضحاك : بالكفر (٣).
وقال سليمان بن رقية ، عن ابن عباس : كانت امرأة نوح تقول للناس : إنه مجنون وامرأة لوط كانت تخبر بأضيافه (٤).
وعن ابن عباس : ما بغت (٥) امرأة نبي قط ، وإنما كانت خيانتهما أنهما كانا على غير دينهما (٦).
__________________
(١) آية (٧٥).
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٣١).
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٦١) عن عكرمة.
(٤) أخرجه الطبري (١٢ / ١٦١) والحاكم (٢ / ٤٩٧) عن سليمان عن ابن عباس. وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٧٧) وزاد نسبته إلى عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس.
(٥) في أ : خانت.
(٦) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٣٧٧) عن ابن عباس موقوفا وعزاه إلى ابن المنذر. ـ