وقال مقاتل : ضلت عني حجّتي حين شهدت عليه الجوارح (١).
وقال ابن زيد : يعنى ملكي وتسلّطي على الناس ، وبقيت ذليلا فقيرا (٢) ، وكان مطاعا في أصحابه.
قوله تعالى : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ)(٣٧)
قوله : (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ) ، كقوله : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) في إضمار القول ، يقال ذلك لخزنة جهنّم ، والغلّ : جمع اليدين إلى العنق ، أي : شدوه بالأغلال.
(ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) ، أي : اجعلوه يصلى الجحيم ، وهي النار العظمى ؛ لأنه كان يتعاظم في الدنيا.
وتقديم المفعول يفيد الاختصاص عند بعضهم.
ولذلك قال الزمخشريّ : «ثمّ لا تصلوه إلّا الجحيم» قال أبو حيان (٣) : «وليس ما قاله مذهبا لسيبويه (٤) ولا لحذاق النّحاة» ، وقد تقدمت هذه المسألة متقنة ، وأنّ كلام النحاة لا يأبى ما قاله.
قوله : (ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) ، في محل جر صفة ل «سلسلة» و (فِي سِلْسِلَةٍ) متعلق ب «اسلكوه» ، و «الفاء» لا تمنع من ذلك.
و «الذّراع» مؤنث ، ولذلك يجمع على «أفعل» وسقطت «التاء» من عدده.
قال الشاعر : [الرجز]
٤٨٥١ ـ أرمي عليها وهي فرع أجمع |
|
وهي ثلاث أذرع وإصبع (٥) |
وذكر السبعين دون غيرها من العدد ، قيل : المراد به التكثير ، كقوله : (إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً) [التوبة : ١٠].
وقيل : المراد حقيقة العدد.
__________________
(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٣٨٨) عن مقاتل.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٧٦).
(٣) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٣٢٥.
(٤) ينظر : الكتاب ١ / ٤١.
(٥) البيت من شواهد سيبويه ٢ / ٣٠٨ ، والتصريح ٢ / ٢٨١ ، والخصائص ٢ / ٣٠٧ ، والمخصص ٦ / ٣٨ ، ١٤ / ٦٥ ، ١٦ / ٨٠ ، وشرح الجواليقي لأدب الكاتب (٣٥٣) ، والعيني ٤ / ٥٠٤ ، والبحر المحيط ٨ / ١٣٤ ، والدر المصون ٦ / ٣٦٧.