إنه مثل مضروب ، أي : من أراد إطفاء نور الشمس بفيه ، وجده مستحيلا ممتنعا ، كذلك من أراد إبطال الحق ، حكاه ابن عيسى.
فصل في سبب نزول هذه الآية
قال الماورديّ (١) : سبب نزول هذه الآية ، ما حكاه عطاء عن ابن عبّاس ـ رضي الله عنهما ـ أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم أبطأ عليه الوحي أربعين يوما ، فقال كعب بن الأشرف : يا معشر اليهود ، أبشروا فقد أطفأ الله نور محمد ، فما كان ينزل عليه ، وما كان ليتم أمره ، فحزن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله هذه الآية واتصل الوحي بعدها (٢).
قوله : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ).
قرأ الأخوان (٣) وحفص وابن كثير : بإضافة : «متم» ، ل : «نوره».
والباقون : بتنوينه ونصب : «نوره».
فالإضافة تخفيف ، والتنوين هو الأصل.
وأبو حيّان ينازع في كونه الأصل (٤).
وقوله : (وَاللهُ مُتِمُّ) ، جملة حالية من فاعل : «يريدون» ، أو «ليطفئوا».
والمعنى : والله متم نوره ، أي : بإظهاره في الآفاق (٥).
فإن قيل : الإتمام لا يكون إلّا عند النّقصان ، فما معنى نقصان هذا النور؟.
فالجواب (٦) : إتمامه بحسب نقصان الأثر وهو الظّهور في سائر البلاد من المشارق إلى المغارب ، إذ الظهور لا يظهر إلا بالإظهار ، وهو الإتمام ، يؤيده قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) [المائدة : ٣].
وعن أبي هريرة : إن ذلك عند نزول عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ قاله مجاهد.
قوله : (وَلَوْ كَرِهَ).
حال من هذه الحال فهما متداخلان ، وجواب : «لو» محذوف ، أي : أتمه وأظهره (٧) ، وكذا (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) ، والمعنى : ولو كره الكافرون من سائر
__________________
(١) ينظر : النكت والعيون ٥ / ٥٣٠ والقرطبي (١٨ / ٥٦).
(٢) ذكره الماوردي (٥ / ٥٣٠) ، والقرطبي (١٨ / ٥٦) عن الضحاك.
(٣) ينظر : السبعة ٦٣٥ ، والحجة ٦ / ٢٨٩ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٦٤ ، وحجة القراءات ٧٠٧ ، ٧٠٨ ، والعنوان ١٩٠ ، وشرح الطيبة ٦ / ٥٢ ، وإتحاف ٢ / ٥٣٧.
(٤) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٢٦٠.
(٥) ينظر : القرطبي ١٨ / ٥٦.
(٦) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٧٣.
(٧) ينظر : الدر المصون ٦ / ٣١٢.