وعن ابن عباس رضي الله عنهما «إنها» أي إن تكذيبهم بمحمد صلىاللهعليهوسلم (لَإِحْدَى الْكُبَرِ) أي : الكبيرة من الكبائر (١).
قوله : (نَذِيراً). فيه أوجه :
أحدها : أنه تمييز من «إحدى» لما ضمنت معنى التعظيم ، كأنه قيل : أعظم الكبر إنذارا ، ف «نذير» بمعنى «الإنذار» كالنكير بمعنى الإنكار ، كأنه قيل : إنها لإحدى الدواهي إنذارا ، ومثله : هي إحدى النساء عفافا.
الثاني : أنه مصدر بمعنى الإنذار أيضا ولكنه نصب بفعل مقدّر ، قاله الفراء.
الثالث : أنه «فعيل» بمعنى «مفعل» وهو حال من الضمير في «إنها». قاله الزجاج ، وذكّر لأن معناه معنى العذاب أو أراد أنّها «ذات إنذار» على معنى النسب ، كقولهم : امرأة طالق وطاهر.
قال الحسن رضي الله عنه : والله ما أنذر الخلائق بشيء أدهى منها.
الرابع : أنه حال من الضمير في «إحدى» لتأويلها بمعنى العظم.
الخامس : أنه حال من فاعل «قم» أول السورة ، والمراد بالنذير : محمد صلىاللهعليهوسلم أي : قم نذيرا للبشر ، أي : مخوفا لهم. قاله أبو علي الفارسي.
وروي عن ابن عباس ، وأنكره الفراء.
قال ابن الأنباري : قال بعض المفسرين : معناه يا أيّها المدثّر ، قم نذيرا للبشر ، وهذا قبيح لطول ما بينهما.
السادس : أنه مصدر منصوب ب «أنذر» أول السورة ، كأنه قال : إنذارا للبشر.
قال الفراء : يجوز أن يكون النذير بمعنى الإنذار ، أي : أنذر إنذارا ، فهو كقوله تعالى : (كَيْفَ نَذِيرِ) [الملك : ١٧]. أي : إنذاري ، فعلى هذا يكون راجعا إلى أول السورة.
السابع : هو حال من «الكبر».
الثامن : حال من ضمير «الكبر».
التاسع : أنه منصوب بإضمار «أعني».
العاشر : أنه حال من «لإحدى». قاله ابن عطية.
الحادي عشر : أنّه منصوب ب «ادع» مقدّرا ، إذ المراد به الله تبارك وتعالى.
روى أبو معاوية الضرير : حدثنا إسماعيل بن سميع عن أبي رزين : «نذيرا للبشر» ، قال : يقول الله عزوجل : أنا لكم منها نذير فاتقوها.
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٥٥).