وقيل : اللوح شدة العطش ، يقال : لاحه العطش ولوحه : أي غيره ، قال الأخفش : والمعنى أنها معطشة للبشر ، أي : لأهلها ؛ وأنشد : [الطويل]
٤٩٦٨ ـ سقتني على لوح من الماء شربة |
|
سقاها به الله الرّهام الغواديا (١) |
يعني باللوح : شدة العطش. والرهام جمع رهمة ـ بالكسر ـ وهي المطرة الضعيفة وأرهمت السحابة : أتت بالرهام.
واللّوح ـ بالضم ـ الهواء بين السماء والأرض ، والبشر : إما جمع بشرة ، أي : مغيرة للجلود. قاله مجاهد وقتادة ، وجمع البشر : أبشار ، وإما المراد به الإنس من أهل النار ، وهو قول الجمهور.
واللام في «البشر» : مقوية ، كهي في («لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) [يوسف : ٤٣].
وقراءة النصب في «لوّاحة» مقوية ، لكون «لا تبقي» في محل الحال.
قوله تعالى : (عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ) ، هذه الجملة فيها الوجهان :
أعني : الحالية ، والاستئناف وفي هذه الكلمة قراءات شاذة ، وتوجيهات مشكلة.
فقرأ أبو جعفر (٢) وطلحة : «تسعة عشر» ـ بسكون العين من «عشر» ؛ تخفيفا ؛ لتوالي خمس حركات من جنس واحد ، وهذه كقراءة (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) [يوسف : ٤] وقد تقدمت. وقرأ أنس (٣) وابن عباس رضي الله عنهما (تِسْعَةَ عَشَرَ) بضم التاء ، «عشر» بالفتح.
وهذه حركة بناء ، لا يجوز أن يتوهم كونها إعرابا ، إذ لو كانت للإعراب لجعلت في الاسم الأخير لتنزل الكلمتين منزلة الكلمة الواحدة ، وإنما عدل إلى التسكين كراهة توالي خمس حركات.
وعن المهدوي : «من قرأ : (تِسْعَةَ عَشَرَ) فكأنه من التداخل ، كأنه أراد العطف ، فترك التركيب ، ورفع هاء التأنيث ، ثم راجع البناء ، وأسكن» انتهى.
فجعل الحركة للإعراب ، ويعني بقوله : أسكن راء «عشر» فإنه في هذه القراءة كذلك.
وعن أنس ـ رضي الله عنه (٤) ـ أيضا : «تسعة أعشر» بضم «تسعة» و «أعشر» بهمزة مفتوحة ، ثم عين ساكنة ، ثم شين مضمومة ، وفيها وجهان :
__________________
(١) البيت لسحيم عبد بني الحسحاس.
ينظر ديوانه (٢٠) ، والقرطبي ١٩ / ٥١ ، والبحر ٨ / ٣٦١ ، والدر المصون ٦ / ٤١٧.
(٢) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٩٦ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٦٨ ، والدر المصون ٦ / ٤١٨.
(٣) ينظر : السابق.
(٤) ينظر : السابق.