قرأ العامة : بالحاء المهملة ، وهو مصدر «سبح» ، وهو استعارة للتصرف في الحوائج من السباحة في الماء ، وهي البعد فيه.
وقال القرطبيّ (١) : «السّبح» الجري ، والدوران ، ومنه السباحة في الماء لتقلبه بيديه ورجليه ، وفرس سابح «شديد الجري».
قال امرؤ القيس : [الطويل]
٤٩٢٢ ـ مسحّ إذا ما السّابحات على الونى |
|
أثرن غبارا بالكديد المركّل (٢) |
وقيل : السبح : الفراغ ، أي : إن لك فراغا للحاجات بالنهار.
وعن ابن عباس وعطاء : (سَبْحاً طَوِيلاً) يعني فراغا طويلا يعني لنومك ، وراحتك فاجعل ناشئة الليل لعبادتك (٣).
وقرأ يحيى بن يعمر (٤) ، وعكرمة وابن أبي عبلة : «سبخا» بالخاء المعجمة.
واختلفوا في تفسيرها : فقال الزمخشريّ : «استعارة من سبخ الصوف ، وهو نفشه ، ونشر أجزائه لانتشار الهمّ ، وتفريق القلب بالشواغل».
وقيل : التسبيخ ، التخفيف ، حكى الأصمعيّ : «سبخ الله عنك الحمى ، أي : خففها عنك».
قال الشاعر : [الطويل]
٤٩٢٣ ـ فسبّخ عليك الهمّ واعلم بأنّه |
|
إذا قدّر الرّحمن شيئا فكائن (٥) |
أي : خفف ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم لعائشة ، وقد دعت على سارق ردائها : «لا تسبّخي بدعائك عليه» ، أي : لا تخففي إثمه (٦).
وقيل : التسبيخ : المد ، يقال : سبخي قطنك ، أي : مديه ، والسبيخة : قطعة من القطن ، والجمع : سبائخ ؛ قال الأخطل يصف صائدا وكلابا : [البسيط]
٤٩٢٤ ـ فأرسلوهنّ يذرين التّراب كما |
|
يذري سبائخ قطن ندف أوتار (٧) |
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٢٩.
(٢) ينظر : ديوانه (٢٠) والقرطبي ١٩ / ٢٩.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٢٨٥) عن ابن عباس ومجاهد وقتادة.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٤٥) عن ابن عباس وعزاه إلى عبد بن حميد وابن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم في «الكنى».
(٤) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٨٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٥٥ ، والدر المصون ٦ / ٤٠٥.
(٥) ينظر : اللسان (سبخ) ، والقرطبي ١٩ / ٢٩ ، والبحر ٨ / ٣٥٥ ، والدر المصون ٦ / ٤٠٥ ، وروح المعاني ٢٩ / ١٣٢.
(٦) أخرجه أبو داود (١ / ٤٧٠) كتاب الصلاة : باب الدعاء رقم (١٤٩٧) وفي كتاب الأدب : باب فيمن دعا على من ظلم رقم (٤٩٠٩) والبغوي في شرح السنة (٣ / ١٣٩) من حديث عائشة.
(٧) ينظر : ديوانه (١٤٠) واللسان (سبخ) ، والبحر ٨ / ٣٥٥ ، والقرطبي ١٩ / ٢٩ ، والدر المصون ٦ / ٤٠٥ ، وروح المعاني ٢٩ / ١٣٢.