قوله : (مِنَ اللهِ) يجوز أن يتعلق ب «دافع» بمعنى ليس له دافع من جهته ، إذا جاء وقته. وأن يتعلق ب «واقع» ، وبه بدأ الزمخشري ، أي : واقع من عنده.
وقال أبو البقاء : ولم يمنع النفي من ذلك ؛ لأن «ليس» فعل.
كأنه استشعر أن ما قبل النفي لا يعمل فيما بعده.
وأجاب : بأنّ النفي لما كان فعلا ساغ ذلك.
قال أبو حيّان (١) : والأجود أن يكون (مِنَ اللهِ) متعلقا ب «واقع» ، و (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ) جملة اعتراض بين العامل ومعموله». انتهى.
وهذا إنما يأتي على البدل ، بأنّ الجملة مستأنفة ، لا صفة ل «عذاب» ، وهو غير الظاهر كما تقدم لأخذ الكلام بعضه بحجزة بعض.
قوله : «ذي» صفة لله ، ومعنى : (ذِي الْمَعارِجِ) ، أي : ذي العلو والدرجات الفواضل والنعم ؛ لأنها تصل إلى الناس على مراتب مختلفة ، قاله ابن عباس وقتادة (٢).
«فالمعارج» ، مراتب إنعامه على الخلق.
وقيل : ذي العظمة والعلو.
وقال مجاهد : هي معارج السماء (٣).
وقيل : هي السموات.
قال ابن عباس : أي : ذي السموات ، سمّاها معارج الملائكة ، لأن الملائكة تعرج إلى السماء ، فوصف نفسه بذلك (٤).
وقيل : «المعارج» الغرف ، أي : أنه ذو الغرف ، أي : جعل لأوليائه في الجنة غرفا.
وقرأ عبد الله (٥) : «ذي المعاريج» بالياء.
يقال : معرج ، ومعراج ، ومعارج ، ومعاريج مثل مفتاح ومفاتيح.
والمعارج : الدرجات ومنه : (وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ) [الزخرف : ٣٣] وتقدم الكلام على المعارج في «الزخرف».
قوله : (تَعْرُجُ). العامة : بالتاء من فوق.
وقرأ ابن مسعود (٦) ، وأصحابه ، والسلمي ، والكسائي : بالياء من تحت.
__________________
(١) ينظر البحر المحيط ٨ / ٣٣٣.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٤٦) وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٤٦) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ في «العظمة».
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٨ / ١٨٣).
(٥) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٨٣.
(٦) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٣٦٥ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٢٧ ، والدر المصون ٦ / ٣٧٤.