[٦٥٦] فإن قيل : الزكاة إنما تجب على الأغنياء ، وعيسى عليهالسلام لم يزل فقيرا لابس كساء مدة مقامه في الأرض ، وعلم الله تعالى ذلك من حاله ، فكيف أوصاه بالزكاة؟
قلنا : المراد بالزكاة هنا تزكية النفس وتطهيرها من المعاصي لا زكاة المال!!
[٦٥٧] فإن قيل : كيف جاء السلام في قصة يحيى عليهالسلام منكرا ، وفي قصة عيسى عليهالسلام معرفا؟
قلنا : قد قيل إن النكرة والمعرفة في مثل هذا سواء لا فرق بينهما في المعنى.
الثاني : أنه سبق ذكره في قصة يحيى عليهالسلام مرة فلما أعيد ذكره أعيد معرفا كقوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزمل : ١٥ ، ١٦] كأنه قال ذلك السلام الموجه إلى يحيى عليهالسلام في المواطن الثلاثة موجه إليّ.
[٦٥٨] فإن قيل : كيف تكون الألف واللام في السلام للعهد ، والأول سلام من الله تعالى على يحيى عليهالسلام ، والثاني سلام من عيسى على نفسه؟
قلنا : التعريف راجع إلى ماهية السلام ومواطنه لا إلى كونه واردا من عند الله تعالى.
[٦٥٩] فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ) [مريم : ٤١] وما أشبهه ، ومثل هذا إنما يستعمل إذا كان المأمور مختارا في الذكر وعدمه ، كما تقول لصاحبك وهو يكتب كتابا اذكرني في الكتاب ، أو اذكر فلانا في الكتاب ؛ والنبي عليهالسلام ما كان على سبيل من الزيادة والنقصان في الكتابة ليوصى بمثل ذلك؟
قلنا : هذا على طريق التأكيد في الأمر بالإبلاغ ، كتأكيد الملك على رسوله بإعادة بعض فصول الرسالة وتخصيصها بالأمر بالإبلاغ.
[٦٦٠] فإن قيل : الاستغفار للكافر لا يجوز ، فكيف وعد إبراهيم أباه بالاستغفار له بقوله : (سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي) [مريم : ٤٧] مع أنّه كافر؟
قلنا : معناه : سأسأل الله تعالى لك توبة تنال بها مغفرته ، يعني الإسلام. والاستغفار للكافر بهذا الطريق جائز ، وهو أن يقال : اللهم وفقه للإسلام أو اللهم تب عليه واهده وأرشده وما أشبه ذلك.
الثاني : أنه وعده ذلك بناء على أنه يسلم فيستغفر له بعد الإسلام.
الثالث : أنه وعده ذلك قبل تحريم الاستغفار للكافر ، فإن تحريم ذلك قضية شرعية إنما تعرف بالسمع لا عقلية ، فإن العقل لا يمنع ذلك.