سورة الزلزلة
[١٢١٥] فإن قيل : قوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) [الزلزلة : ١] ما معنى إضافة الزلزال الذي هو المصدر إلى الأرض ، وهلّا قال زلزالا ، كما قال تعالى : (كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) [الفجر : ٢١] وما أشبهه؟
قلنا : معناه الزلزال الذي تستوجبه في حكمة الله تعالى ومشيئته في ذلك اليوم ، وهو الزلزال الذي ليس بعده زلزال ، ونظيره قولك : أكرم التقي إكرامه ، وأهن الفاسق إهانته ، تريد ما يستوجبانه من الإكرام والإهانة ، ويجوز أن يكون المراد بالإضافة الاستغراق ؛ معناه : زلزالها كله الذي هو ممكن لها.
[١٢١٦] فإن قيل : كيف قال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ) [الزلزلة : ٧] على العموم فيهما ، وحسنات الكافر محبطة بالكفر ، وسيئات المؤمن معفو عنها ، مغفورة باجتناب الكبائر ؛ فكيف تثبت رؤية كل عامل جزاء عمله؟
قلنا : معناه فمن يعمل مثقال ذرة خيرا من فريق السعداء ، ومن يعمل مثقال ذرّة شرا من فريق الأشقياء ؛ لأنه جاء بعد قوله تعالى : (يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً) [الزلزلة : ٦].
وذكر مقاتل أنها نزلت في رجلين من أهل المدينة كان أحدهما يستقل أن يعطي السائل الكسرة أو التمرة ويقول : إنما نؤجر على ما نعطيه ونحن نحبه ، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير ويقول : إنما أوعد الله النار على الكبائر.